(ودعوى) قوة احتمال الاختصاص بصورة التزاحم إما للانصراف، أو لأن الولاية لا تقبل الشدة والضعف فلا بد أن يكون التفضيل مجازيا، والمراد ثبوت الولاية عند التزاحم للنبي (ص) وانتفاؤها عن غيره (مدفوعة) بأن الانصراف ليس بنحو يعتد به في رفع اليد عن إطلاق الكلام، وعدم قبول الولاية للشدة والضعف غير ثابت، وظهور الكلام يقتضيه فالعمل عليه متعين وكون المعهود من سيرتهم في الناس على حد سيرة بعضهم مع بعض من الاستئذان من البالغة الرشيدة في تزويجها، وبيع مال الغير بإذنه ونحو ذلك أعم لجواز عدم تعلق إرادتهم بالتصرف على نحو الاستقلال. هذا وأما الاستدلال على ذلك بما دل على وجوب إطاعتهم وحرمة مخالفتهم مثل قوله تعالى: أطيعوا الله ورسوله... الآية، وقوله تعالى:
فليحذر الذين يخالفون عن أمره.. الآية، ونحوه فغير ظاهر لعدم دلالته على الولاية بالمعنى المذكور فادراج مثل ذلك في سلك الأدلة كما ترى، ومثله الاستدلال بالعقل لحكمه بوجوب شكر المنعم بعد معرفة أنهم - عليهم الصلاة والسلام - أولياء النعم، أو من جهة أن الأبوة إذا اقتضت وجوب الإطاعة فالنبوة والإمامة أولى أن تقتضي ذلك، فإن الدليل المذكور أيضا راجع إلى تحقيق وجوب الإطاعة لا غير - كما لعله ظاهر - وأما ثبوت الولاية بالمعنى الثاني فقد ثبت في جملة من التصرفات كالحدود والتعزيرات والحكومات وغيرها لما ورد من أنها لإمام المسلمين، وتحقيق ذلك موقوف على مراجعة الأدلة الخاصة الواردة في تلك الموارد. نعم لو لم يتم الدليل على ذلك كان المرجع إما اطلاق دليل الجواز أو دليل المنع - إن كان - و إلا كان المرجع أصل الجواز، إلا أن لا يصح الرجوع إلى الأصل حيث يمكن الرجوع إلى الإمام فإن الأصول الجارية في الشبهات الحكمية يتوقف العمل بها على الفحص اللازم، ومع التمكن من الرجوع إلى الإمام يتعين الفحص بالرجوع إليه كما لا يخفى.