اعتبار العدالة (الأول): المشهور كما قيل عدم اعتبار العدالة لاطلاق الأدلة والاعتماد فيه على الأصل غير ظاهر فإن الأصل عدم ثبوت ولاية لفاسق أو عدم نفوذ تصرفه وأصالة عدم اشتراط الولاية بالعدالة إن رجع إلى اطلاق دليل الولاية فليس هو دليلا مقابلا للاطلاق، وإن رجع إلى غيره فلا أصل له، وعن الوسيلة والايضاح اعتبارها، وعن الأخير الاستدلال له بأنها ولاية على من لا يدفع عن نفسه ولا يعرب عن حاله، ويستحيل من حكمة الصانع أن يجعل الفاسق أمينا يقبل اقراراته واخباراته عن غيره مع نص القرآن على خلافه. انتهى (وفيه) أن مرجعه إن كان إلى المانع العقلي فغير ظاهر، وإن كان إلى المانع السمعي فممنوع، إذ المراد بنص القرآن إن كان آية النهي عن الركون إلى الظالمين، فالتمسك بها يتوقف على كون المراد من الظالم مطلق الفاسق، وإن جعل الولاية نوع من الركون إليه، وكلاهما محل تأمل كما يظهر من ملاحظة موارد الاستيمان المالكي من الوكيل والودعي وعامل المضاربة وغيرهم من الأمناء - مع أن الآية لا تشمل فعل الشارع فإن النهي والأمر لا يشمل الناهي والآمر، والاشتراك في المفسدة غير ظاهر لامكان الاختلاف ولو لوجود المزاحم - كما هو ظاهر - وقبول الاخبار والاقرار وإن كان من فعل المكلف لكنه أمر آخر خارج عن مفهوم الولاية بلحاظ نفوذ التصرف وترتب الأثر عليه فلو دلت الآية الشريفة عليه أمكن تخصيصها بقاعدة: من ملك شيئا ملك الاقرار به) التي لا فرق في دليلها بين العادل والفاسق. ومن ذلك يظهر الاشكال في الاستدلال المذكور لو كان المراد آية النبأ مضافا إلى الاشكال في التمسك بها على عدم قبول خبر الفاسق.
(٢٩٤)