والإنس إلا ليعبدون. (1) و (2) أقول: وهو ضعيف. فإن العبادة غاية تشريعية للخلقة والآية المبحوثة عنها لا إشعار فيها بالغاية - لا تشريعا ولا تكوينا - وليست إلا إخبارا عن سنة الله القيامة الفاضلة. أي: إن في إقامة الوجه للدين مناسبة ومشاكلة للسنة الإلهية في خلقة الناس. فإن الله سبحانه خلق الخلق عارفا بالتوحيد عرفانا مرموزا بسيطا وشاعرا به شعورا بسيطا يتمايل إلى التوحيد ويرغب عما يضاده ويخالفه ويجري في ذلك طبق الشعور الفطري الذي أعطاهم الله هذا النور عندما فطرهم وخلقهم.
وكذلك الكلام في تفسير قوله صلى الله عليه وآله: كل مولود يولد على الفطرة. (3) وسيجئ مزيد توضيح لذلك في تفسير قوله تعالى: وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم.
فتحصل أن إقامة الوجه إلى الدين متمايلا إلى الحق ومعرضا عن الباطل، هي الفطرة الإلهية التي فطر الناس عليها فيعرفون الله وتوحيده ويشعرون به تعالى معرفة وشعورا بسيطا بحيث لا يستغنون عن هداية هاد وإرشاد مذكر. فالآية الكريمة إرشاد وتذكرة إلى إقامة الدين لله جل ثناؤه متقربا ومخلصا وتائبا إليه تعالى ونفي الشرك بجميع أنواعه وتبعاته.
روى الكليني عن علي بن إبراهيم مسندا عن هشام بن سالم، عن أبي عبد الله عليه السلام، قال:
قلت: فطرة الله التي فطر الناس عليها. قال: التوحيد. (4)