واهتمامه بأسبابه. فإن من اهتم بالشئ، عقد عليه طرفه وسدد إليه نظره وقوم له وجهه مقبلا به عليه. (1) أقول: هذا المعنى غير ملائم لظاهر الآية، فإن الله أمر رسوله بإقامة الوجه للدين الذي عند الله وبحسب الواقع، لا بإقامة الدين بمعنى تسبيب الأسباب لوجوده وترويجه وبقائه. وبعبارة أخرى: مورد الآية بعد الفراغ عن تحقق الدين وفي المرتبة المتأخرة عن وجوده. وإنما أمر الله سبحانه بإقامة الوجه إليه حنيفا مخلصا خالصا. ويشهد على ذلك قوله تعالى: منيبين إليه، أي: رجعوا وتابوا عن كل ما يخالف مرضاة الحق سبحانه إليه تعالى مخلصين.
قال الطبرسي: فأقم وجهك للدين، أي: أقم قصدك للدين، والمعنى، كن معتقدا للدين. وقيل: معناه: أثبت ودم على الاستقامة. وقيل: معناه: أخلص دينك. عن سعيد بن جبير. وقيل: معناه: سدد عملك. (2) أقول: هذه الوجوه كلها ضعيفة خارجة عن غرض الآية. فالآية الكريمة تأمر بإقامة الوجه حنيفا مخلصا بخلع الأنداد ونفي الأوثان، وهو التوحيد الخالص لله جل مجده.
قوله تعالى: للدين. الدين هو مجموع ما جاء به أنبياؤه تعالى من الشرائع الحقة أصولا وفروعا. ويطلق أيضا على أبعاضه وأجزائه بعناية ومناسبة، ويحتاج ذلك إلى القرينة. واللام فيه ليست غاية للجملة المتقدمة عليه، ولا في موقع العلة منها. بل الظاهر أنها بمعنى " إلى "، مثل قوله تعالى: اسجدوا لآدم.
قال ابن هشام في ذكر معاني اللام: وموافقة " إلى "، نحو قوله تعالى: بأن ربك