العدل حسن والظلم قبيح. وإما من البعض كما قلنا: " أو خلق أو ملة قد استصح " مثل، إن الرقة ولو على الحيوانات العجم حسنة وإيلامها بلا غرض قبيح، وكقبح ذبح الحيوانات عند بعض أهل الهند. " أو لحمية وغيرها قبح " مثل، إن عدم الذب عن الحرم قبيح والذب عنه واجب... ". (1) وقال شارح الشمسية: " أقول: من غير اليقينيات، المشهورات. وهي قضايا يعترف بها جميع الناس [أو بعضهم]. وسبب شهرتها فيما بينهم إما لاشتمالها على مصلحة عامة، كقولنا: العدل حسن والظلم قبيح، وإما ما في طباعهم من الرقة، كقولهم: مراعاة الضعفاء محمودة، وإما ما فيهم من الحمية، كقولنا: كشف العورة مذموم، وإما انفعالاتهم من عاداتهم كقبح ذبح [بعض] الحيوانات عند أهل الهند وعدم قبحه عند غيرهم. " (2) أقول: انظر واقض العجب أنهم كيف جعلوا وجوب العدل وقبح الظلم وحرمته وحسن الإحسان إلى الضعفاء في رديف الانفعالات من العادات القومية ولم يعرفوا الحجية الذاتية للعقل الفطري، وكيف ينتهي إليه حجية جميع الحجج، وكيف يكون هو ملاك التكليف، وكيف يكون به الثواب والعقاب؟!
وقال الشيخ الرئيس: " وأما النفس الناطقة الإنسانية، فتنقسم قواها أيضا إلى قوة عاملة. فالعاملة قوة هي مبدأ محرك لبدن الإنسان إلى الأفاعيل الجزئية الخاصة بالرؤية على مقتضى آراء تخصها صلاحية... وأما القوة النظرية، فهي قوة من شأنها أن تنطبع بالصور الكلية المجردة عن المادة. فإن كانت مجردة بذاتها، فذلك، وإن لم تكن، فإنها تصيرها مجردة بتجريدها إياها حتى لا يبقى فيها من علائق المادة شئ " (3)