الضعيف معرفته بالعقل اللطيف ولا يحيط به؟ قيل لهم: إنما كلف العباد من ذلك ما في طاقتهم أن يبلغوه، وهو أن يوقنوا به ويقفوا عند أمره و نهيه ولم يكلفوا الإحاطة بصفته... فإن قالوا: أوليس قد نصفه فنقول:
هو العزيز الحكيم الجواد الكريم؟ قيل لهم: كل هذه صفات إقرار وليست صفات إحاطة، فإنا نعلم أنه حكيم ولا نعلم بكنه ذلك منه، وكذلك قدير وجواد وسائر صفاته... فإن قالوا: فأنتم الآن تصفون من قصور العلم عنه وصفا حتى كأنه غير معلوم! قيل لهم: هو كذلك من جهة إذا رام العقل معرفة كنهه والإحاطة به، وهو من جهة أخرى أقرب من كل قريب إذا استدل عليه بالدلائل الشافية. فهو من جهة كالواضح لا يخفى على أحد، وهو من جهة كالغامض لا يدركه أحد، وكذلك العقل أيضا ظاهر بشواهد ومستور بذاته.... (1) وروى الكليني مسندا عن الحسن بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
إن أول الأمور ومبدأها وقوتها وعمارتها التي لا ينتفع شئ إلا به، العقل الذي جعله الله زينة لخلقه ونورا لهم، فبالعقل عرف العباد خالقهم، وأنهم مخلوقون وأنه المدبر لهم وأنهم المدبرون، وأنه الباقي وهم الفانون، واستدلوا بعقولهم على ما رأوا من خلقه، من سماءه وأرضه، وشمسه وقمره، وليله ونهاره، وبأن له ولهم خالقا ومدبرا لم يزل ولا يزال، وعرفوا به الحسن من القبيح، وأن الظلمة في الجهل، وأن النور في العلم، فهذا ما دلهم عليه العقل.... (2) بيان: هذه الروايات الشريفة صريحة في أن الله تعالى فطر العقول على معرفته أي: عرف نفسه سبحانه بها، وعلى هذا فمن كان واجدا للعقل وعارفا