يحملون العرش، أي: إن الحاملين للعرش والذي حوله يستضيؤن بنوره. وهذا ثناء بالغ منه تعالى عليهم بتشريفهم وتكريمهم بحملهم عرشه المجيد وتمكن من حوله بالاستنارة بنوره فهنيئا لهم كرامة ربهم.
قوله تعالى: يسبحون بحمد ربهم. التسبيح هو التنزيه، أي: نفي كل نقيصة وعيب وآفة وشين عن ذاته وأوصافه وأفعاله، كنفي الشريك والند والضد والجهل والعجز وغيرها. ويقابله التمجيد، أي: الثناء على الله سبحانه بالكمالات التي يجب إثباتها فيه تعالى من الألوهية والوحدانية والربوبية والعلم والقدرة والحياة، وبالجملة جميع أسمائه التي سمى بها نفسه الدالة على إثبات كمال له تعالى وأمر الناس أن يدعوه بها على نحو خارج عن حد التشبيه والتعطيل.
قال السيد ما خلاصته: " الحمد هو الثناء على كل جميل من حيث ذاته وصفاته وأفعاله، مثل وجوب الوجود والتنزه الذاتي عن كل عيب ومثل كون صفاته كاملة واجبة وأفعاله مشتملة على الحكمة والمصلحة ". (1) فعلى هذا فالثناء بالحمد يرجع عند التحليل إلى التقديس والتنزيه. إذ لا يكون جميلا على الإطلاق إلا بنفي كل سوء ونقص عن ذاته وأفعاله. فهو من أكمل أنواع التسبيح وأبلغه. فمعنى يسبحون بحمد ربهم، أي: إنهم يسبحون ربهم بحمده، لا ما قيل: إن بحمد ربهم حال عن حملة العرش، أي: يسبحون ربهم حال كونهم حامدين له. ونظيره - أي التسبيح بالحمد - كثير في القرآن الكريم. وقد بسطنا الكلام في ذلك في تفسير سورة الفاتحة.
روى الكليني مسندا عن صفوان بن يحيى، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام ... قال:
العرش ليس هو الله. والعرش اسم علم وقدرة وعرش فيه كل شئ.
ثم أضاف الحمل إلى غيره خلق من خلقه. لأنه استعبد خلقه بحمل