علي بن إبراهيم عن عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله عليه السلام قال:
حجة الله على العباد النبي. والحجة فيما بين العباد وبين الله العقل. (1) أقول: هذه الآيات والروايات المباركة ناصة وصريحة في أن المراد من العقل هو ما ذكرناه. أي: إنه نور ظاهر بذاته مظهر لغيره من التقوى والفجور، والإيمان والكفر، والطاعة والطغيان، والامتثال والعصيان، والتهاون في أمر الدين والقيام عليه، والتسامح في حرمات الرب تعالى شأنه، والمثال الواضح لذلك ما رواه الكليني، مسندا عن سماعة بن مهران قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام: وعنده جماعة من مواليه فجرى ذكر العقل والجهل. فقال أبو عبد الله عليه السلام: اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا. قال سماعة: فقلت: جعلت فداك: لا نعرف إلا ما عرفتنا. فقال أبو عبد الله عليه السلام:
إن الله خلق العقل... ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا. فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه، أضمر له العداوة... فأعطاه خمسة وسبعين جندا. فلكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند: الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل، والإيمان وضده الكفر، والتصديق وضده الجحود... فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان. وأما سائر ذلك من موالينا، فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل وينقى من جنود الجهل. فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء.
وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده، وبمجانبة الجهل وجنوده، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته. (2)