لم يزل الله عالما بالأشياء قبل إن يخلق الأشياء كعلمه بالأشياء بعد ما خلق الأشياء. (1) وروى أيضا مسندا عن أبي عبد الله، عن أبيه، عن جده عليهم السلام أن أمير المؤمنين عليه السلام استنهض الناس في حرب معاوية في المرة الثانية. فلما حشد الناس قام خطيبا فقال:
... كل عالم فمن بعد جهل تعلم. والله لم يجهل ولم يتعلم. أحاط بالأشياء علما قبل كونها، فلم يزدد بكونها علما. علمه بها قبل أن يكونها، كعلمه بعد تكوينها... علم ما خلق وخلق ما علم لا بالتفكر، ولا بعلم حادث أصاب ما خلق، ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق، لكن قضاء مبرم وعلم محكم وأما متقن. (2) أقول: قوله عليه السلام: " ولا شبهة دخلت عليه فيما لم يخلق... " الظاهر أن ما لم يخلق ليس بقصور العالم عنه ولا شبهة دخلت عليه في خلقه، لكن قضاء مبرم وعلم محكم. فلا ينحصر علمه تعالى بما خلق، بل هو عالم بما لن يخلقه أبدا.
وروى أيضا مسندا عن منصور بن حازم قال:
سألت أبا عبد الله عليه السلام: هل يكون اليوم شئ لم يكن في علم الله تعالى بالأمس؟ قال: لا. من قال هذا، فأخزاه الله.
قلت: أرأيت ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة، أليس في علم الله؟
قال: بلى، قبل أن يخلق الخالق. (3) بيان: في هذه الروايات تصريح أنه تعالى عالم بالأشياء بعينها مستقيما لا بالصور والمثل. وفيها تصريح أيضا أنه تعالى لم يزل عالما بما كان قبل تكوينه كعلمه