بحسب النظر الجليل من أن في الوجود علة ومعلولا أدى بنا أخيرا من جهة - وهو نمط أخرى من جهة السلوك العلمي والنسك العقلي - إلى أن المسمى بالعلة هو الأصل والمعلول شأن من شؤونه وطور من أطواره، ورجعت العلية والإفاضة إلى تطور المبدأ الأول بأطواره وتجليه بأنواع ظهوراته ". (1) أقول: يرد عليه جميع ما أوردناه من المناقشة على مقالة المحدث الكاشاني.
وليت شعري كيف غفل هذا الفيلسوف الكبير ونزله تعالى عن مرتبة الألوهية و القيومية إلى مرتبة ما هو قائم به سبحانه؟! كيف وهو سبحانه مهيمن على كل شئ وعلى كل نفس بما كسبت؟! ولا يكون شئ إلا أن يكون أجل وأعلى مقاما منه؟!
وكيف يكون هذا المتطور سبوحا قدوسا مستترا في نور القدس؟!
على أنا نسأل: ما حقيقة هذا التطور؟ هل كان تعالى متطورا من الأزل؟ أو لم يكن ثم تطور؟ فعلى كل الفرضين فما الفائدة والعائدة في هذا التطور؟ وهل كانت فيه تعالى نقيصة أو ضايعة أراد بالتطور استدراكها واستكمالها؟! وهل كان تعالى يتمنى منزلة ومكانا كان فاقدا لها وأراد بالتطور نيلها ووجدانها؟! والتنزل عن مرتبة القدس والكبرياء والعظمة لا يجوز للفاعل الحكيم الغير المجازف بأي فرضية افترضوها وبأي توجيه وجهوه.
ونسأل أيضا: هل كان التطور صادرا منه تعالى وكان تعالى فاعله بالعناية أو كان فاعله بالرضا؟ وعلى كلا الوجهين لا يكون التطور فعلا عمديا واختياريا له تعالى لفائدة وغاية حكيمة معقولة. وكيف كان فهذه المقالة مخالفة للفطرة المقدسة الإلهية التي لا تتبدل ولا تتغير بهذه الفرضيات الوهمية. وهذه حجة الله الغالبة وبرهانه النوري على كل من خالفها وأعرض عنها.