وقوله عز من قائل: مثل الجنة التي وعد المتقون قال الليث: مثلها هو الخبر عنها وقال أبو إسحاق: معناه: صفة الجنة. (1) روى الصدوق مسندا عن حنان بن سدير قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام عن العرش والكرسي فقال:
... وقوما وصفوه بيدين فقالوا: " يد الله مغلولة ". وقوما وصفوه بالرجلين فقالوا: وضع رجله على صخرة بيت المقدس فمنها ارتقى إلى السماء. وقوما وصفوه بالأنامل فقالوا: إن محمدا صلى الله عليه وآله قال: إني وجدت برد أنامله على قلبي. فلمثل هذه الصفات قال: " رب العرش عما يصفون ". يقول: رب المثل الأعلى عما به مثلوه. ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شئ ولا يوصف ولا يتوهم. فذلك المثل الأعلى. ووصف الذين لو يؤتوا من الله فوائد العلم فوصفوا ربهم بأدنى الأمثال وشبهوه بالتشابه منهم فيما جهلوا به. فلذلك قال: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا. فليس له شبه ولا مثل ولا عدل. ولا الأسماء الحسنى التي لا يسمى بها غيره. وهي التي وصفها في الكتاب فقال:
فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه جهلا بغير علم، فالذي يلحد في أسمائه بغير علم يشرك وهو لا يعلم ويكفر به وهو يظن أنه يحسن.
فذلك قال: وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون. فهم الذين يلحدون في أسمائه بغير علم فيضعونها غير مواضعها. (2) أقول: المثل كما ذكرنا هو النعت والوصف. فمثله تعالى هو القدس والتنزه عن التوصيف والتشبيه وعن كل ما قيل فيه أو يقال. كما صرح به الصادق عليه السلام بقوله: " ولله المثل الأعلى الذي لا يشبهه شئ ". ويؤكد ذلك قوله تعالى: " الأعلى " -