وقد يسكت ابنك، لكن يبقى السؤال يجول في نفسه ويقول:
هل يمكن أن يتكلم النبي صلى الله عليه وآله بغير المعقول؟!
ألا يمكن أن يكون عمر مشتبها؟
لقد تحير كبار علماء السنة ومفسروهم وما زالوا متحيرين إلى يومنا هذا في نظرية عمر (الأحرف السبعة)! فلا هم يستطيعون أن يردوها لأنها بتصورهم حديث نبوي رواه عمر! ولا هم يستطيعون أن يقنعوا بها أحدا، أو يقتنعوا هم بها!! وسيظلون متحيرين إلى آخر الدهر، لسبب بسيط هو أنهم يبحثون عن معنى معقول لمقولة ليس لها معنى معقول!!
من كبار العلماء المتحيرين الإمام ابن جزي المشهود له في التفسير وعلوم القرآن، فقد نقل في تاريخ القرآن ص 87 قوله: (ولا زلت أستشكل هذا الحديث - أي حديث نزول القرآن على سبعة أحرف - وأفكر فيه وأمعن النظر من نحو نيف وثلاثين سنة حتى فتح الله علي بما يمكن أن يكون صوابا إن شاء الله تعالى، وذلك أني تتبعت القراءات صحيحها وضعيفها وشاذها فإذا هي يرجع اختلافها إلى سبعة أوجه)!! انتهى.
وأنت ترى أن ابن جزي بعد تفكير أكثر من ثلاثين سنة غير مطمئن إلى ما توصل إليه، وإن سماه فتحا علميا! ولذا عبر عنه بأنه (يمكن أن يكون صوابا) ومن حقه أن يشك في هذا الفتح، لأن معناه أن نسخة القرآن نزلت من عند الله تعالى مفصلة على حسب قراءات سوف يولد أصحابها! وسوف تكون اختلافاتهم في سبعة وجوه لا أكثر!!
فكيف تعقل هذا العالم أن نسخة القرآن نزل بها جبرئيل مفتوحة لاجتهادات القراء الذين سوف يأتون! ثم اعتبر ذلك فتحا علميا؟!