وهو على التعريف الأول: أعم من التكذيب، فيكون شاملا للكافر الخالي عن التصديق والتكذيب.
وعلى الثاني: لا يشمل إلا المنكر خاصة، وعلى الثالث: يشمل المنكر والمعتقد الذي لا يعمل على طبق ما يعتقد.
وليعلم - قبل كل شئ - هو أن المقابلة بين الكفر والإيمان، هل هي مقابلة العدم والملكة أو مقابلة المتضادين، بمعنى أنهما أمران وجوديان يتعاقبان على موضوع واحد كالسواد والبياض، وعلى تقدير كونهما ضدين فهل هما من الضدين اللذين لا ثالث لهما، مثل الحركة والسكون، أو هما من الضدين اللذين يتخللهما ثالث مثل البياض والسواد؟
فإن بنينا على أن المقابلة بينهما مقابلة العدم والملكة، أو بنينا على أنهما ضدان ليس بينهما ثالث فحينئذ لا يعقل تخلل الواسطة بين الكفر والإسلام، غاية الأمر أن حقيقة الكفر على الأول - وهو مقابلة العدم والملكة - هو عدم التصديق، أعم من أن يكون هناك تكذيب أو لم يكن، وعلى الثاني - وهو مقابلة المتضادين اللذين ليس بينهما ثالث - تكون حقيقة الكفر هو التكذيب.
أما لو بنينا على أن المقابلة بالكفر والإيمان هي مقابلة التضاد لكن على نحو الضدين اللذين يكون بينهما ثالث، مثل تقابل البياض والسواد، فحينذاك تتخلل الواسطة بين الكفر والإيمان، وهذا التحقيق يثمر ثمره في مثل الشاك الذي لا تصديق عنده ولا تكذيب، وفي مثل من لم تبلغه دعوة الاسلام، وفي زمن الفترة، وفي مثل الفاحص ابتداءا عن الأديان، فهؤلاء وأمثال هؤلاء، هم - بناء على الأول والثاني - محشورون في زمرة الكافرين لعدم التصديق، وعلى الثالث لا من هؤلاء ولا من هؤلاء.