وأجاب المثبتون عن هذه الآية: أن ذلك وصف أهل الجنة وضمير فيها للجنة، يعني: لا يذوق أهل الجنة في الجنة الموت، فلا ينقطع نعيمهم كما انقطع نعيم أهل الدنيا بالموت، فلا دلالة في الآية على انتفاء موتة أخرى بعد المسألة وقبل دخول الجنة.
وأجاب المنكرون بأن هذه ظواهر لفظية لا تضاد المعقول، وحيث إنها مخالفة للمعقول فلا بد من التأويل، ووجه مخالفتها للمعقول: هو أننا نرى شخصا يصلب ويبقى مصلوبا إلى أن تذهب أجزاؤه، ولا نشاهد فيه إحياءا ولا مسألة، وأبلغ منه من أكلته السباع والطيور وتفرقت أجزاؤه في بطونها وحواصلها، وأبلغ منه من احرق وصار رمادا وذري في الرياح العاصفة شمالا وجنوبا وقبولا ودبورا. فإننا نعلم عدم إحيائه وعذابه ومساءلته بالضرورة.
وأجاب المثبتون عن أمر المصلوب: بأنه لا بعد في الإحياء والمسألة مع عدم المشاهدة، ولذلك في خوارق الإعجاز الكونية شواهد وشواهد، وأما الصورتان الاخريان فأجيب عنهما: بأن التمسك بهما مبني على اشتراط البنية في الحياة، وهو ممنوع، فلا بد في أن تعاد الحياة إلى الأجزاء المتفرقة أو بعضها وإن كان مخالفا للعادة، وما أكثر خوارق العادة في مقدوره سبحانه، وسيأتي نوع توضيح لذلك في الروايات.
أما الروايات فهي كثيرة وافرة، والنبويات المتواترة بين العامة والخاصة كثيرة، ويكفي قليلها من كثيرها.
منها: ما اتفق الفريقان عليه، وهو قوله (صلى الله عليه وآله): " القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النيران " (1).