عن عبد الله بن علقمة الخزاعي، عن أبيه، قال: بعثني النبي (صلى الله عليه وآله) بمال لأبي سفيان بن حرب، يفرق في فقراء قريش، وهم مشركون يتألفهم. فقدمت مكة ودفعت المال إلى أبي سفيان فجعل أبو سفيان يقول: من رأى أبر من هذا ولا أوصل يعني النبي (صلى الله عليه وآله) إنا نجاهد ونطلب دمه وهو يبعث إلينا بالصلاة يبرنا بها (1).
أما ما ذكره ابن سعد من أنه (صلى الله عليه وآله) أرسل إلى أبي سفيان بمال يقسمه في قريش بمكة بعد الفتح (2) فلعلها كانت مرة أخرى غير التي كانت في السنة الخامسة. ولعل الرسول في كلا الحادثتين رجل واحد أيضا.
ونقول: إن هذا الموقف للرسول (صلى الله عليه وآله) من مشركي مكة لا يجوز تفسيره على أنه محاولة منه لشراء ولائهم، عن طريق استغلال ضعفهم الناشئ عن مكابدة الحاجة، ومكافحة الجوع، ومعاناة البلاء والآلام. لان معنى ذلك هو أن مواقفه (صلى الله عليه وآله) وتصرفاته كانت تمليها عليه الروح التجارية، والشعور الانتهازي وأهداف لا إنسانية بصورة عامة.
وإنما عكس ذلك هو الصحيح. فإن مواقف المشركين معه (صلى الله عليه وآله)، وجرائمهم تجاهه، وتجاه أهل بيته وأصحابه والتي كانت قد بلغت الغاية، وأوفت على النهاية. لو فرض أنها قد كان لها دور في ما يتخذه من مواقف ويقوم به من أعمال، فقد كان اللازم هو أن يجد في