بثلاثمائة ألف درهم، ثم بعث إلى الحكم بن أبي العاص فرده إلى المدينة وهو طريد (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وصله بمائة ألف درهم من بيت مال المسلمين وجعل له خمس إفريقية (2)، وجعل [من بني] أمية الحارث بن الحكم على سوق المدينة ووصل ابنه بمال جليل.
قال: فكبر ذلك على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكرهوا ذلك من فعله، ثم إنهم دخلوا على عبد الرحمن بن عوف فشكوا إليه أمر عثمان وقالوا: يا بن عوف! هذا من فعالك بنا ولسنا نلزم هذه الإمامة أحدا سواك، فقال عبد الرحمن: يا هؤلاء! إني كنت أخذت لكم بالوثيقة ولم أعلم بما يكون، والآن فالامر إليكم.
فقال له علي بن أبي طالب رضي الله عنه: فهكذا تحب أن يكون؟ فقال: يا أبا الحسن! إنه لم يكن عندي علم هذا والآن فخذ سيفك وآخذ سيفي. قال: وبلغ الخبر إلى عثمان أن عبد الرحمن بن عوف قد قال كذا وكذا، فقال عثمان عبد الرحمن رجل منافق لا يبالي بما قال ويهون عليه أن يشيط بدمي. وبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فغضب، قال: ما كنت أظن [أن] أعيش إلى دهر يقول لي عثمان [إني] منافق، ثم حلف عبد الرحمن أنه لا يكلمه أبدا ما بقي (3).
قال: والناس تكلموا في عثمان وقالوا فيه بعض القول وبلغه ذلك، فنادى في الناس: الصلاة جامعة! فلما اجتمعوا صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
أيها الناس! اذكروا نعمة الله عليكم واشكروها يزدكم واعرفوا حقه، فإنكم أقوام مسلمون، وبين أظهركم كتاب الله فيه كل شيء، وقد علمتم الذي أمركم الله به من الطاعة لولاة الامر منكم، فاتقوا الله ربكم، واعلموا أن حق الخلافة عظيم، فأمرها فوق ما تظنون، وإنما جعل الله تبارك وتعالى السلطان في الأرض ليكون حاجزا بين قويهم وضعيفهم يلجؤون إليه في أمورهم وسنتهم وأحكامهم، وفيكم من قد أدرك