عثمان بن عفان رضي الله عنه، فكتب إلى معاوية وأمره أن يركب في البحر بجنود المسلمين من أهل الشام، وكتب أيضا إلى عبد الله بن سعد بن أبي سرح يأمره أن يركب بأهل مصر، وكتب أيضا إلى عمرو بن العاص يأمره أن يعين عبد الله بن سعد والمسلمين بجميع ما يقدر عليه من المال والسلاح.
قال: فاجتمع أهل مصر وأهل الشام بساحل مدينة عكا في جمع عظيم من العدة والعدد والسلاح، ثم إنهم حملوا الخيل معهم في المراكب وخطفوا من عكا في خمسمائة مركب فيها رجال مقاتلة والخيل والسلاح والطعام الكثير. قال: وخرج قسطنطين بن هرقل من قسطنطينية في قريب من ألف (1) مركب من مراكب الروم فيها المقاتلة والزرافات والنيران والنفط. قال: فبينا المسلمون قد لججوا في البحر إذا هم بمراكب الروم قد وافتهم.
قال: فكان عبد الله بن أبي سفيان يقول حدثني أبي عن مالك بن أوس (2) بن الحدثان قال: لقد كنت في تلك المراكب يومئذ وكانت الريح علينا قال: فنظرنا إلى مراكب ما رأينا مثلها قط، فدعونا ربنا وتضرعنا إليه، ثم إنا أرسينا ساعة، ثم دنوا منا فأرسوا قبالتنا، وسكنت الريح وجاء الليل، فجعل المسلمون يكثرون من قراءة القرآن ولا يفترون من الصلاة والدعاء، والروم في مراكبهم يضربون (3) بالصنوج والطنابير ويشربون الخمر وينفخون في الصفارات.
قال: ثم أصبحوا وقد تهيؤوا للقتال، فأرسل إليهم معاوية بن أبي سفيان وعبدا لله بن سعد بن أبي سرح: إن شئتم خرجنا نحن وأنتم إلى الساحل حتى يموت الأعجز منا ومنكم؟ قال: فنخرت الروم نخرة واحدة وقالوا: لا، بل البحر بيننا وبينكم، قال مالك بن أوس بن الحدثان: فدنونا منهم، وربطنا المراكب بعضها إلى