النبي صلى الله عليه وسلم وسمع كلامه ورأى سنته مع ما قد بين الله تبارك وتعالى لكم في هذا الكتاب الناطق وأخذ عليكم الحجة ووعدكم من نفسه كل خير إن شكرتم من ثواب الله وحسن ثواب الآخرة، وقد رأيتم مساكن الأعاجم وغيرهم وسلطانهم وقد كانوا والله أشد منكم قوة وأكثر جمعا وأوسع بلدا وأرغد عيشا، فلما تركوا ما أمروا به وشرهت أنفسهم إلى ما قد علمتم من الفساد في الأرض واختاروا دنياهم على أخراهم انتزع الله تبارك وتعالى ما كان في أيديهم فجعله لكم وفي أيديكم لينظر كيف تعملون! وبعد فقد رأيتم أثر نعمة الله عليكم والذي آتاكم من الخير على عهد نبيكم محمدا صلى الله عليه وسلم والخليفتين من بعده، وأنا اليوم محقوق بهذا الامر وقد ولاني الله تبارك وتعالى خلافة من مضى من قبلي وقد تقلدت أمرا عظيما وخطرا جسيما لا يعين عليه إلا الذي قلدني إياه وقدره لي، والأمين مؤتمن وكل أمير مسؤول عن رعيته، وقد بلغني أن قوما منكم يقولون: لو أن أمير المؤمنين فرق هذا المال في المقاتلة والذرية الذين في الأمصار لكان ذلك أعود عليه وعلينا وأقرب له إلى الله عز وجل، وقد قبلت ذلك منكم وأنا باعث إلى كل مصر أن تقسم أمواله بين أهله بالسوية إن شاء الله تعالى، فإن فضل منا شيء صرفناه في نوائبنا التي تنزل بنا ونجعله في ضعفاء العرب ومساكينهم وأيتامهم وأراملهم إن شاء الله تعالى، وأنا جالس لكم في كل وقت أنظر في أموركم، وليس لي حجاب ولا بواب ولا باب يغلق من دونكم، والسلام.
قال: فلما سمع المسلمون ذلك الكلام من عثمان دعوا له بالبركة والصلاح وأثنوا عليه وانصرفوا إلى منازلهم شاكرين لما كان من كلامه. قال: وأقام عثمان بعد ذلك في خلافته بالسياسة الحسنة والعدل في الرعية والرحمة للضعفاء والمساكين والشفقة على جماعة المسلمين.
قال: فلم يزل عثمان كذلك حتى مضت له سنة من السنين كانت فيها أمور كثيرة من أمور عثمان كلها كانت عندهم مكروهة، فعاتبه المسلمون عليها، فلم يعينهم ولم ينزع عنها. قال: واجتمع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ثم إنهم كتبوا كتابا وذكروا فيه كل حدث أحدثه عثمان منذ يوم ولي الخلافة إلى ذلك اليوم (1)، ثم إنهم خوفوه في الكتاب وأعلموه [أنه -] إن لم ينزع عما هو عليه خلعوه واستبدلوا به