أكثر من ذلك صاح عبد الله بن سعد بالمسلمين ثم حمل وحملوا معه، فولى أهل إفريقية منهزمين فخرجت عليهم الكمناء فقتل منهم مقتلة عظيمة وأسر منهم بشر كثير (1).
ومضى ملكهم جرجين منهزما حتى لحق أقاصي بلاد إفريقية، ثم إنه بعث إلى عبد الله بن سعد يسأله الصلح، فأجابه عبد الله بن سعد إلى ذلك وصالحه على ألفي ألف دينار وخمسمائة ألف دينار وعشرين ألف دينار (2) على أنه يكف عنه ويخرج عن بلده، فأخذ عبد الله بن سعد منه هذا المال، فأخرج منه الخمس ليوجه به إلى عثمان، وقسم باقي ذلك في المسلمين.
قال: وبلغ ذلك ملك الروم فأرسل إلى جرجين (3) أنك أعطيت العرب ما أعطيتهم فانظر ذلك فابعث إلي مثله وإلا بعثت إليك من يستأصلك عن حديد الأرض، قال: فأرسل جرجين (3) إلى رؤساء بلده فدعاهم ثم قال: إن الملك الأعظم أمرني أن آخذ منكم من المال ما أخذه عبد الله بن سعد، فهاتوا ما الذي عندكم من الرأي! قال: فقالوا: أما الذي كان عندنا من المال فقد أفدينا به أنفسنا من العرب، والآن فليس عندنا من المال نعطي الملك، فإن تركنا نكون في بلادنا ونؤدي إليه الخراج الذي كنا نؤديه إليه قبل اليوم، وإلا دخلنا في دين العرب وكنا مع العرب عليه، قال: فلما سمع جرجين (3) ذلك قال لهم: لا تعجلوا حتى أكتب إليه وأخبره بمقالتكم. قال: ثم كتب جرجين إلى ملك الروم وخبره بمقالة أهل إفريقية، قال: فأمسك عنهم ملك الروم وتجافى عن أموالهم.
قال: ورجع عبد الله بن سعد بالمسلمين إلى أرض مصر (4) وكتب إلى عثمان