من طرابلس المغرب إلى طنجة (1)، قال: فسار المسلمون إلى طرابلس المغرب فنزلوها وهي آخر عمل الاسلام، ثم رحلوا منها حتى دخلوا بلاد إفريقية فانتشروا بها وبثوا السرايا، فأصابوا غنائم كثيرة خيل وبغال وحمير وبقر وغنم.
قال: ثم سار عبد الله بن سعد بالمسلمين فجعل يقدم الطلائع بين يديه فمرة يقرب من البحر فيسير على الساحل، ومرة يطلب البر، وإذا بمراكب أهل إفريقية قد أرسيت على ساحل البحر، فلما نظروا إلى خيل المسلمين هموا أن يركبوا المراكب ويلججوا في البحر، فعاجلهم المسلمون فأخذوا المراكب وما كان فيها من مال ومتاع، فقسمه عبد الله بن سعد في المسلمين، ثم قدم أصحاب المراكب وهم مائة رجل فضرب أعناقهم صبرا، ثم أمر بالمراكب فأحرقت إلى آخرها.
قال: وسار المسلمون حتى توسطوا بلاد إفريقية، ودنوا من أرضها، فنزلوا هنالك. وبعث عبد الله بن سعد إلى جرجين (2) ملك إفريقية يدعوه إلى الاسلام، قال: فغضب جرجين (2) من ذلك، ثم قال: لا دخلت في دينكم أبدا، قال:
فأرسل إليه عبد الله بن سعد أنه لا بد لك من إحدى خصلتين الاسلام أو الجزية، فإذا قد أبيت الاسلام فأد الجزية عن يد وأنت صاغر، فقال جرجين (2): لو طلبتم مني درهما واحدا ما أعطيتكم ولا تتحدث الملوك عني بذلك أبدا.
قال: ثم تهيأ لقتال المسلمين، وبلغ ذلك عبد الله بن سعد فعبى أصحابه ثم سار إليه، فقال له رجل من أهل مصر: أيها الأمير! إن أهل إفريقية لا يصافونك وهم أرعب قلوب من ذلك، ولكن اجعل لهم كمينا أن لا يفلت منهم أحد فإنهم قوم يهربون في وقت الحرب، قال: فعندها كمن عليهم عبد الله بن سعد الكمناء ففرقها في الأودية والأماكن، ثم دنا القوم في تعبية حسنة وجيش لجب وهم ثلاثة وعشرون ألفا أو يزيدون، ودنا أهل إفريقية من المسلمين في ستين ألفا أو يزيدون (3) وقد رفعوا الصلبان وعليهم من السلاح ما الله عز وجل به عليم. قال: وجالت الخيل بعضها على بعض فاقتتلوا ساعة من النهار حتى إذا صارت الشمس في السماء قدر رمحين أو