حملت عيني الماء، والله! ما أرى في فتحها خيرا وقد كرهها عمر بن الخطاب من قبلي - والسلام -.
قال: فلما ورد كتاب عثمان على عبد الله بن سعد كأنه كره أن يراد عثمان في شيء من أمر إفريقية غير أنه كان يوجه بالرجال فيغيرون على أداني أرضها ويأتون بالغنائم، قال: وبلغ ذلك عثمان بن عفان فكأنه نشط لغزوها، ثم أرسل إلى المسور بن مخرمة القرشي فدعاه في جوف الليل، قال: ويحك يا مسور! قد استخرت الله تبارك وتعالى في ليلتي هذه في بعثة الجيوش إلى إفريقية، وقد كتب إلي عبد الله بن سعد يخبرني بجرأة المسلمين عليهم وتقربهم منهم، فهات ما عندك! فقال له المسور: خار الله لأمير المؤمنين وللمسلمين في ذلك، وما الرأي عندي إلا غزوها، قال عثمان: فإني أستخير الله عز وجل في ذلك كثيرا، ولكن إذا أصبحت فاجمع لي الأكابر من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم وآله) حتى أستشيرهم في ذلك، فإن اجتمعت آراؤهم على فتحها فعلت ذلك إن شاء الله ولا قوة إلا بالله. قال: فانصرف المسور بن مخرمة إلى منزله.
فلما كان من غد خرج فدعا له علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وغيرهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم وآله)، فلما علم عثمان أنهم قد اجتمعوا في المسجد خرج إليهم بعد طلوع الشمس، فشاورهم في أمر إفريقية حتى ارتفع النهار، فكأنهم كرهوا ذلك، وأكثر من كره ذلك سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل، فقال له عثمان:
ما الذي كرهت من أمر إفريقية؟ فقال سعيد: كرهت ذلك لما سمعت من عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو يقول: لا أقربها أحدا من المسلمين ما حملت عيني الماء (1)، ولا أرى لك مخالفة عمر فذرهم ولا تغزهم فإنك لن تخافهم على الاسلام وأنهم لراضون منك أن تقرهم في أماكنهم، قال: ثم قام سعيد بن زيد فخرج، والتفت عثمان إلى مولى له يقال له نائل فقال له: يا نائل! اذهب فادع لي زيد بن ثابت ومحمد بن مسلمة. قال: فخرج نائل فدعاهما، فاستشارهما عثمان بن عفان في بعثه الجيوش إلى إفريقية، فأشارا عليه بذلك (2)، فقال عثمان بن عفان: الله أكبر