به وليست لنا فيه حاجة، وأنت أحب إلينا منه، وقد أردنا أن تقدم عليه فتقتله وأنت أحق بذلك منا، فصر إلينا وأرحنا منه والبلد لك.
قال: فلما ورد كتاب أهل مرو على طخطاخ ملك الترك سار في جيش عظيم يريد مدينة مرو، حتى إذا تقارب منها بلغ ذلك يزدجرد، فخرج من منزله الذي كان فيه في جوف الليل هاربا على وجهه وليس معه أحد من أصحابه ولا من غلمانه ولا يدري إلى أن يتوجه، فبينما هو كذلك إذ نظر إلى سراج على شاطئ نهر مرو، فقصد السراج فإذا هو برجل ينقر رحى، فقال له يزدجرد: أجرني في هذه الليلة واكتم على أمري ولك عندي من المال كذا وكذا فإني خائف من هذا العسكر الذي ورد إلى مدينة مرو، فقال له صاحب الرحى: ادخل! فدخل يزدجرد إلى بيت الرحى فجلس فيه ساعة ثم إنه وضع رأسه فنام، فلما غط في نومه قام إليه صاحب الرحى بفأس كان في يده فضرب رأسه ضربة فقتله (1)، ثم أخذ ما كان عليه من السلب وجره برجله فألقاه في نهر مرو.
قال: وأصبح ملك الترك فجعل يطلب يزدجرد، وأهل مرو أيضا يطلبونه فلم يقفوا على أثر، قال: فبينا طخطاخ ملك الترك يدور في طلب يزدجرد ومعه جماعة من أصحابه إذ مر بصاحب الرحى فوقف عليه ثم كلمه بالتركية وقال: هل مر بك من ههنا رجل من صفته كذا وكذا في زي الملوك؟ فقال صاحب الرحى: لا ما رأيت صاحب هذه الصفة، قال: فبينا طخطاخ يكلم صاحب الرحى: إذ شم رائحة طيبة فقال لأصحابه: ادخلوا إلى بيت الرحى فانظروا هل تجدون أثرا فإني أشم رائحة طيبة! قال: فدخل القوم فجعلوا يفتشون بيت الرحى فإذا هم بسلب يزدجرد، فأخذوه وأتوا به إلى طخطاخ ملك الترك، فلما نظر إليه علم أنه سلب يزدجرد فقال لصاحب الرحى: اصدقني ما فعل صاحب هذا السلب؟ فأقر وقال: إني قتلته وجررته برجله وألقيته في هذا النهر. قال: فأمر طخطاخ بصاحب الرحى فقتل (2)، ثم دعا بأهل مرو فأمرهم أن يغوصوا، فغاصوا فأخرجوا يزدجرد، فلما نظر إليه