المسلمين يقال له الجنيد بن مسلم الأزدي (1)، فضربه ضربة على تاجه نكسه إلى الأرض صريعا، ثم نزل إليه فأخذ سلبه وتاجه ثم استوى على فرسه، قال: وقد ذكر ذلك أيضا رجل من الأزد في شعر له.
قال: وانهزمت الفرس من بين أيدي المسلمين فدخل بعضهم إلى مدينة إصطخر ومر الباقون على وجوههم في البلاد مشردين، وبلغ ذلك ملك الفرس يزدجرد أن البلاد قد أخذت وأن شهرك قد قتل، فاغتم لذلك وبقي حيرانا لا يدري ما يقول غير أنه نكت الأرض بأصبعه وتفكر فيما قد نزل به من العرب، وعنده جماعة من أساورته قد وقفوا بين يديه مغمومين منكسرين كأن الطيور ساقطة على رؤوسهم.
قال: فبينما هو كذلك يفكر في أمره إذ دخل عليه رجل من سادات كرمان يقال له بندوه بن سياكوس - ولمن يكن ببلاد كرمان كلها أجل منه ولا أكبر عند أهلها - فسلم عليه وكلمه، فلم يكلمه يزدجرد لما كان في قلبه من الغم، قال: فغضب بندوه من ذلك ثم قال: أيها الملك! أكلمك فلا تكلمني! ليس العجب منك ولكن العجب منا إذ جعلنا مثلك ملكا علينا، ثم ضرب بيده إلى رجله فجذبه عن السرير ورمى به إلى الأرض وخرج من بين يديه. قال: فاغتم يزدجرد لذلك. وما بقي أحد من غلمانه وأساورته الذين معه إلا بكى، فقال لهم يزدجرد: لا تبكوا فإن البكاء للنساء والرجال قد تصيبهم المصائب، ولابد من الصبر على ما أنا فيه إلى وقت الفرج.
قال: ثم دعا يزدجرد بفرسه فركبه، ونادى في أصحابه وخدمه فركبوا، وخرج من ساعته فيمن معه نحو بلاد خراسان (2)، فسار حتى قدم مدينة مرو فدخلها، وعلم أهل مرو أنه منهزم من أجل العرب فشمتوا وأحبوا أن يقتلوه، ثم كتبوا إلى ملك من ملوك الترك يقال له طخطاخ (3) أن ملك الأعاجم أقبل إلينا هاربا من العرب وقد شمتنا