يكن للعجم نظام، فلم لا تكلم الملك شهرك بن ماهك في ذلك حتى يحتال بحيلة، ثم إنه يدفع هؤلاء ويجمع الجموع. فيلقى هؤلاء العرب من قبل مصيرهم إلى ما قبلنا.
قال: فعندها أقبل الموبذان قاضي الفرس حتى دخل على شهرك بن ماهك، فكلمه في ذلك وذكر له مقالة الأعاجم. فقال له شهرك: ومن هؤلاء العرب إلا كلاب حتى إنكم تريدون، تخافون من نباحتهم لعلكم نظرتم إلى جزع يزدجرد وخروجه عن بلد فارس فاتقيتم على أنفسكم. ثم قال شهرك: اخرج أيها الموبذان فناد في جميع الأعاجم أن يجتمعوا لهؤلاء العرب [و] ألا يخرج إلى حربهم أحد إلا ومعه حبل حتى نقرنهم في الحبال.
قال: فخرج الموبذان إلى الفرس فخبرهم بمقالة شهرك، فجعل الناس يجتمعون إلى شهرك حتى صار في عشرين ومائة ألف رجل من الفرس.
قال: وبلغ ذلك أبا موسى الأشعري (1)، وأبو موسى يومئذ مقيم بأصفهان، فنادى في المسلمين فاجتمعوا إليه فعرضهم فكانوا سبعة عشر ألفا ما بين فارس وراجل، فوضع لهم الارزاق وأعطاهم ووعدهم ومناهم ثم سار بهم يريد مدينة إصطخر حتى إذا أشرف عليها ونظر جموع الفرس أمر المسلمين بأن يكبروا، فلما كبر المسلمون بأجمعهم وقع الرعب في قلب شهرك، فالتفت إلى أصحابه وهو في تلك الخلق العظيم فجعل يقول بالفارسية: چون كنم وكجا شوم، فجعل وزيره يشجعه ويقول: أيها الملك أثبت ولا تخف، فإن هؤلاء العرب قليلون ونحن في جمع عظيم، فلا عليك أن تقف حتى تنظر إليك أصحابك ويقاتلون بين يديك، قال: فوقف شهرك أمام أصحابه وليس معه شيء من عقله.
قال: ودنا القوم بعضهم من بعض فاقتتلوا ساعة من النهار، وأمر أبو موسى أصحابه التكبير ثانية. فلما كبروا انخلعت قلوب الفرس فأعطوا بأيديهم وولوا الادبار منهزمين، وولى معهم شهرك لا يقف ولا يلوي على شيء، قال: ولحقه رجل من