نفسه، المصر على ذنبه الذي لا هم له إلا المضاحيك والأباطيل، فلا يقربني أولئك.
قال: ثم نزل عن المنبر ودعا بعبد الرحمن بن خنيس الأسدي فولاه الشرطة وانصرف إلى دار العمارة. فكان أشراف أهل الكوفة وقراؤهم يأتونه ويحدثونه وينصرفون عنه، وهم مع ذلك لا يرون منه إلا ما يحبون من حسن السيرة وبسط العدل ولين الجانب.
قال: فبينا هو عشية في مسجد الكوفة وذلك في آخر يوم من شهر رمضان والناس يقول بعضهم لبعض: غدا الفطر، إذ سمع سعيد بن العاص ذلك فقال لمن حوله من الناس: من منكم رأى الهلال؟ فقال قوم: ما رأيناه بعد، فقام هشام (2) بن عتبة بن أبي وقاص وقال: بلى! قد رأيته والحمد لله، فقال سعيد بن العاص: كيف رأيته بعينك هذه العوراء من بين الناس؟ فقال له هشام (2): أتعيرني بعيني العوراء وقد فقئت في سبيل الله يوم اليرموك في جيش المسلمين، وأنت مع أمك بتهامة في رعي البهم. قال: ثم وثب هشام (3) من المجلس فصار إلى منزله، فلما كان من الغد لم يأمر سعيد الناس بالافطار، وأصبح هشام (3) في داره مفطرا، فتغدى عنده خلق كثير من الناس، وبلغ ذلك سعيد بن العاص فأرسل إليه وأحضره، ثم أمر به فضرب، وأمر بداره فأحرقت.
قال: وبلغ ذلك سعد بن أبي وقاص وهو بالمدينة (4) فغضب وأقبل إلى عثمان بن عفان ومعه وجوه المهاجرين فقال: يا أمير المؤمنين! لماذا وثب عاملك سعيد بن العاص على ابن أخي هاشم فضربه وأحرق داره بالكوفة؟ والله! لا برحت أو انتصفت منه أو لتكونن ههنا أشياء، فقال عثمان (5): اصنع ما بدا لك يا سعد! فو الله