إنك لتعلم أنه ما لي في ذلك من ذنب. قال: فوثب عمر بن سعد بن أبي وقاص، وهو يومئذ غلام حدث، حتى أتى إلى دار سعيد بن العاص بالمدينة فأشعل فيها النار، وأرسلت عائشة إلى عمر (1) بن سعد بن أبي وقاص فطلبته إليها وسألته أن يصفح عن ذلك، ففعل.
قال: ثم كتب عثمان إلى سعيد بن العاص يعذله على فعله بهشام (2) بن عتبة ويقبح عليه رأيه، فسكت سعيد بن العاص ولم يرتفع بما فعل.
قال: فبينا سعيد بن العاص ذات يوم في مسجد الكوفة وقت صلاة العصر وعنده وجوه أهل الكوفة إذ تكلم حسان بن محدوج (3) الذهلي فقال: والله إن سهلنا لخير من جبلنا، فقال عدي بن حاتم: أجل، السهل أكثر برا وخصبا وخيرا، فقال الأشتر: وغير هذا أيضا، السهل أنهاره مطردة ونخله باسقات، وما من فاكهة ينبتها الجبل إلا والسهل ينبتها، والجبل خور وعر يحفي الحافر، وصخره يعمي البصر ويحبس عن السفر، وبلدتنا هذه لا ترى فيها ثلجا ولا قرا شديدا.
قال: فقال عبد الرحمن بن خنيس الأسدي (4) صاحب شرطة سعيد بن العاص: هو لعمري كما تذكرون، ولوددت أنه كله للأمير ولكم أفضل منه، فقال له الأشتر: يا هذا! يجب عليك أن تتمنى للأمير أفضل منه ولا تتمنى له أموالنا، فما أقدرك أن تتقرب إليه بغير هذا، فقال عبد الرحمن بن خنيس: وما يضرك من ذلك يا أشتر؟ فوالله! إن شاء الأمير لكان هذا كله له، فقال له الأشتر: كذبت والله يا بن خنيس! والله إن لو رام ذلك لما قدر عليه، ولو رمته أنت لفزعت دونه فزعا يذل ويخشع.
قال: فغضب سعيد بن العاص من ذلك، ثم قال: لا تغضب يا أشتر! فإنما السواد (5) كله لقريش فما نشاء منه أخذنا وما نشاء تركنا، ولو أن رجلا قدم فيه رجلا