بموجدتك عليه؟ فقال عثمان: بلى، إن شئت ذلك.
قال: فأقبل زيد بن ثابت ومعه المغيرة بن الأخنس بن شريق الثقفي (1) حتى دخلوا على علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسلموا وجلسوا، وبدأ زيد بن ثابت بالكلام فقال: أما بعد يا أبا الحسن! فإن لك سلفا صالحا في الاسلام وأنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمكان الذي لا يعدله أحد، فأنت للخير كله أهل ومعدن، وأمير المؤمنين أصلحه الله عثمان بن عفان ابن عمك وولي أمر هذه الأمة، وله عليك حقان، حق القرابة وحق الولاية، وقد شكاك إلينا وذكر أنك تعترض عليه في أمره، وقد مشينا إليك نصحا لك وكراهة أن يقع بينك وبين ابن عمك أمر نكرهه وتكرهه لكم صلحاء المسلمين، فقال علي رضي الله عنه: والله ما أريد الاعتراض عليه في أمر من الأمور إلا أن يأتي منكرا فلا يسعنا أن نقول فيه إلا بالحق، ولكن والله لأكفن عنه ما وسعني الكف. قال: فتكلم المغيرة بن الأخنس فقال: والله! لتكفن عنه شئت أو أبيت، وهو والله أقدر عليك منك عليه، وإنما بعثنا إليك لنكون له شهودا عليك وليعذر فيما بينك وبينه فيكون له عليك الحجة بعد هذا اليوم. قال: فغضب علي رضي الله عنه من كلام المغيرة ثم قال: يا بن المغيرة الأبتر والشجرة التي لا أصل لها ولا فرع، يا بن العبد الآبق (2)! أنت تكفني عنه فوالله ما أعز الله من أنت ناصره! أخرج أبعد الله نواءك وأجهد بلاءك، ثم أجهد بعدها جهدك فلا أبقى الله عليك إن أبقيت.
قال: فسكت المغيرة لا يقول شيئا، وتكلم زيد بن ثابت فقال: لا والله يا أبا الحسن! ما جئناك لنكون عليك شهودا، ولكننا مشينا إليك التماسا للاجر في أن يصلح الله تبارك وتعالى بينك وبين ابن عمك وأن يجمع كلمتكم على أحسن الأحوال، قال: فدعا له علي رضي الله عنه ولقومه بخير.
ثم قام زيد بن ثابت والمغيرة بن الأخنس إلى عثمان فأخبراه بما كان من الكلام.