غيره. قال: فكتبوا هذا الكتاب ثم قالوا ننطلق به جميعا حتى نضعه في يده، فإننا إن ذهبنا نكلمه وليس معنا كتاب لم يحضرنا من الكلام ما نريد، ثم أقبلوا على عمار بن ياسر وقالوا له: يا أبا اليقظان! هل لك أن تكفينا هذا الامر وتنطلق بالكتاب إلى عثمان؟ فقال عمار: أفعله، ثم أخذ الكتاب وانطلق إلى عثمان، فإذا عثمان وقد لبس ثيابه وخفيه في رجليه، فلما خرج من باب منزله نظر إلى عمار واقفا والكتاب في يده فقال له: حاجة يا أبا اليقظان؟ فقال عمار: مالي حاجة ولكنا اجتمعنا فكتبنا كتابا نذكر فيه أمورا من أمورك لا نرضاها لك، قال: ثم دفع إليه الكتاب فأخذه عثمان فنظر فيه حتى قرأ سطرا منه، ثم غضب ورمى به من يده، فقال له عمار: لا ترم بالكتاب وانظر فيه حسنا فإنه كتاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا والله ناصح لك! فقال له عثمان: كذبت يا بن سمية! فقال عمار: أنا والله ناصح لك!
فقال عثمان: كذبت يا بن سمية! فقال عمار: أنا والله ابن سمية وابن ياسر. قال:
فأمر عثمان غلمانه، فضربوه ضربا شديدا حتى وقع لجنبه، ثم تقدم إليه عثمان فوطئ بطنه ومذاكيره، حتى غشي عليه وأصابه الفتق، فسقط لما به لا يعقل من أمر شيئا.
قال: واتصل الخبر ببني مخزوم، فأقبل هشام بن الوليد بن المغيرة في نفر من بني مخزوم فاحتملوا عمارا من موضعه ذلك وجعلوا يقولون: والله لئن مات الآن لنقتلن به شيخا عظيما من بني أمية، ثم انطلقوا بعمار إلى منزله مغشيا عليه، فلم يصل ظهرا ولا عصرا ولا مغربا ولا عشاء حتى ذهب بعض الليل، ثم أفاق بعد ذلك من غشيته فقام فقضى ما فاته من صلواته كلها (2).
قال: فكان هذا من إحداثه الذي نقموا عليه.
قال: فبلغ ذلك أبا ذر وكان مقيما بالشام فجعل يظهر عيب عثمان هناك ويذكر منه خصالا قبيحة (3)، فكتب معاوية بن أبي سفيان بذلك إلى عثمان (4): بسم الله