مات أكثر جمال الحجيج في الطريق من العطش، ولم يصل منهم إلى مكة إلا القليل، بل مات أكثر من وصل منهم بعد الحج. وفيها اقتتل أبو المعالي شريف بن سيف الدولة هو وخاله وابن عم أبيه أبو فراس في المعركة. قال ابن الأثير: ولقد صدق من قال: إن الملك عقيم.
وفيها توفي من الأعيان أيضا إبراهيم المتقي لله، وكان قد ولي الخلافة ثم ألجئ أن خلع من سنة ثلاث وثلاثين وثلاثمائة إلى هذه السنة، وألزم بيته فمات في هذه السنة ودفن بداره عن ستين سنة.
عمر بن جعفر بن عبد الله ابن أبي السري: أبو جعفر البصري الحافظ ولد سنة ثمانين ومائتين، حدث عن أبي الفضل ابن الحباب وغيره، وقد انتقد عليه مائة حديث وضعها. قال الدارقطني فنظرت فيها فإذا الصواب مع عمر بن جعفر.
محمد بن أحمد بن علي بن مخلد أبو عبد الله الجوهري المحتسب، ويعرف بابن المخرم، كان أحد أصحاب ابن جرير الطبري، وقد روى عن الكديمي وغيره، وقد اتفق له أنه تزوج امرأة فلما دخلت عليه جلس يكتب الحديث فجاءت أمها فأخذت الدواة فرمت بها وقالت: هذه أضر على ابنتي من مائة ضرة. توفي في هذه السنة عن ثلاث وتسعين سنة، وكان يضعف في الحديث.
كافور بن عبد الله الأخشيدي كان مولى السلطان محمد بن طغج، اشتراه من بعض أهل مصر بثمانية عشر دينارا، ثم قربه وأدناه، وخصه من بين الموالي واصطفاه، ثم جعله أتابكا حين ملك ولداه، ثم استقل بالأمور بعد موتهما في سنة خمس وخمسين، واستقرت المملكة باسمه فدعي له على المنابر بالديار المصرية والشامية والحجازية، وكان شهما شجاعا ذكيا جيد السيرة، مدحه الشعراء، منهم المتنبي، وحصل له منه مال، ثم غضب عليه فهجاه ورحل عنه إلى عضد الدولة، ودفن كافور بتربته المشهورة به، وقام في الملك بعده أبو الحسن علي بن الاخشيد، ومنه أخذ الفاطميون الأدعياء بلاد مصر كما سيأتي. ملك كافور سنتين وثلاثة أشهر.
ثم دخلت سنة ثمان وخمسين وثلاثمائة في عاشوراء منها عملت الروافض بدعتهم وفي يوم خم عملوا الفرح والسرور المبتدع على