أموال بيت المال إلى داره، ولم يبق للوزير تصرف في شئ بالكلية، ووهى أمر الخلافة جدا، واستقل نواب الأطراف بالتصرف فيها، ولم يبق للخليفة حكم في غير بغداد ومعاملاتها. ومع هذا ليس له مع ابن رائق نفوذ في شئ، ولا تفرد بشئ، ولا كلمة تطاع، وإنما يحمل إليه ابن رائق ما يحتاج إليه من الأموال والنفقات وغيرها. وهكذا صار أمر من جاء بعده من أمراء الأكابر، كانوا لا يرفعون رأسا بالخليفة، وأما بقية الأطراف فالبصرة مع ابن رائق هذا، يولي فيها من شاء. وخوزستان إلى أبي عبد الله البريدي، وقد غلب ابن ياقوت على ما كان بيده في هذه السنة من مملكة تستر وغيرها واستحوذ على حواصلها وأموالها. وأمر فارس إلى عماد الدولة بن بويه ينازعه في ذلك وشمكير أخو مرداويج وكرمان بيد أبي علي محمد بن إلياس بن اليسع. وبلاد الموصل والجزيرة وديار بكر ومضر وربيعة مع بني حمدان. ومصر والشام في يدي محمد بن ظغج. وبلاد إفريقية والمغرب في يد القائم بأمر الله ابن المهدي الفاطمي، وقد تلقب بأمير المؤمنين. والأندلس في يد عبد الرحمن بن محمد، والملقب بالناصر الأموي. وخراسان وما وراء النهر في يد السعيد نصر بن أحمد الساماني. وطبرستان وجرجان في يد الديلم. والبحرين واليمامة وهجر في يد أبي طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي. وفيها وقع ببغداد غلاء عظيم وفناء كثير بحيث عدم الخبز منها خمسة أيام، ومات من أهلها خلق كثير، وأكثر ذلك كان في الضعفاء، وكان الموتى يلقون في الطريق ليس لهم من يقوم بهم، ويحمل على الجنازة الواحدة الرجلان من الموتى، وربما يوضع بينهم صبي، وربما حفرت الحفرة الواحدة فتوسع حتى يوضع فيها جماعة. ومات من أهل أصبهان نحو من مائتي ألف إنسان. وفيها وقع حريق بعمان أحرق فيه من السودان ألف، ومن البيضان خلق كثير، وكان جملة ما أحرق فيه أربعمائة حمل كافور. وعزل الخليفة أحمد بن كيغلغ عن نيابة الشام، وأضاف ذلك إلى ابن طغج نائب الديار المصرية. وفيها ولد عضد الدولة أبو شجاع فناخسرو بن ركن الدولة بن بويه بأصبهان.
وفيها توفي من الأعيان..
ابن مجاهد المقري أبو بكر أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد المقري، أحد أئمة هذا الشأن. حدث عن خلق كثير، وروى عنه الدارقطني وغيره، وكان ثقة مأمونا، سكن الجانب الشرقي من بغداد، وكان ثعلب يقول: ما بقي في عصرنا أحد أعلم بكتاب الله منه. توفي يوم الأربعاء وأخرج يوم الخميس لعشر بقين من شعبان من هذه السنة. وقد رآه بعضهم في المنام وهو يقرأ فقال له: أما مت؟ فقال:
بلى ولكن كنت أدعو الله عقب كل ختمة أن أكون ممن يقرأ في قبره، فأنا ممن يقرأ في قبره. رحمه الله.
جحظة الشاعر البرمكي أحمد بن جعفر بن موسى بن يحيى بن خالد بن برمك البرمكي، أبو الحسن النديم المعروف