واسط فخرج ومعه حرس يوصلونه إليها نحو من أربعمائة. واستوزر المعتز أحمد بن أبي إسرائيل وخلع عليه وألبسه تاجا على رأسه. ولما تمهد أمر بغداد واستقرت البيعة للمعتز بها ودان لهو أهلها وقدمتها الميرة من كل جانب، واتسع الناس في الأرزاق والأطعمة، ركب أبو أحمد منها في يوم السبت لثنتي عشرة ليلة من المحرم إلى سامرا وشيعه ابن طاهر في وجوه الأمراء، فخلع أبو أحمد على ابن طاهر خمس خلع وسيفا ورده من الطريق إلى بغداد. وقد ذكر ابن جرير مدائح الشعراء في المعتز وتشفيهم بخلع المستعين، فأكثر من ذلك جدا، فمن ذلك قول محمد بن مروان بن أبي الجنوب بن مروان في مدح المعتز وذم المستعين كما جرت به عادة الشعراء:
إن الأمور إلى المعتز قد رجعت * والمستعين إلى حالاته رجعا وكان يعلم أن الملك ليس له * وأنه لك لكن نفسه خدعا ومالك الملك مؤتيه ونازعه * آتاك ملكا ومنه الملك قد نزعا إن الخلافة كانت لا تلائمه * كانت كذات حليل زوجت متعا ما كان أقبح عند الناس بيعته * وكان أحسن قول الناس قد خلعا ليت السفين إلى قاف دفعن به * نفسي الفداء لملاح به دفعا كم ساس قبلك أمر الناس من ملك * لو كان حمل ما حملته ظلعا أمسى بك الناس بعد الضيق في سعة * والله يجعل بعد الضيق متسعا والله يدفع عنك السوء من ملك * فإنه بك عنا السوء قد دفعا وكتب المعتز من سامرا إلى نائب بغداد محمد بن عبد الله بن طاهر أن يسقط اسم وصيف وبغا ومن كان في رسمهما في الدواوين عزم على قتلهما، ثم استرضي عنهما فرضي عنهما. وفي رجب من هذه السنة خلع المعتز أخاه إبراهيم الملقب بالمؤيد من ولاية العهد وحبسه، وأخاه أبا أحمد، بعدما ضرب المؤيد أربعين مقرعة. ولما كان يوم الجمعة خطب بخلعه وأمره أن يكتب كتابا على نفسه بذلك، وكانت وفاته بعد ذلك بخمسة عشر يوما، فقيل إنه أدرج في لحاف سمور وأمسك طرفاه حتى مات غما، وقيل بل ضرب بحجارة من ثلج حتى مات بردا وبعد ذلك أخرج من السجن ولا أثر به فأحضر القضاة والأعيان فشهدوا على موته من غير سبب ولا أثر، حمل على حمار ومعه كفنه إلى أمه فدفنته.
ذكر مقتل المستعين في شوال منها كتب المعتز إلى نائبه محمد بن عبد الله بن طاهر يأمره بتجهيز جيش نحو المستعين فجهز أحمد بن طولون التركي فوافاه فأخرجه لست بقين من رمضان فقدم به القاطول لثلاث مضين من شوال ثم قتل، فقيل ضرب حتى مات، وقيل بل غرق في دجيل، وقيل بل ضربت عنقه. وقد ذكر ابن جرير: أن المستعين سأل من سعيد بن صالح التركي حين أراد قتله أن يمهله حتى يصلي ركعتين فأمهله، فلما كان في السجدة الأخيرة قتله وهو ساجد، ودفن جثته في مكان صلاته، وخفى أثره وحمل