قلت: قد يقال: إن المفهوم منه عرفا التعليق على الدخول والكلام مطلقا كما عن بعض، فلا يشترط الترتيب بينهما حينئذ، ويقع الظهار بحصولهما كيف اتفق، لأنه ذكر صفتين من غير عاطف، فلا وجه لاعتبار غير الدخول، أو يقال: إن المفهوم منه عرفا التعليق على الدخول والكلام حاله، وعلى كل حال هو غير ما ذكره.
ولو علقه على مخالفتها الأمر فقال: " إن خالفت أمري " ثم قال لها:
" لا تكلمي زيدا " مثلا فكلمته ففي المسالك " لم يقع الظهار، لأنها ما خالفت أمره، وإنما خالفت نهيه، ويحتمل الوقوع نظرا إلى أنه يسمى في العرف مخالفة أمره، ويقوى ذلك إن استقر العرف عليه، وإلا فالعبرة بالمعنى المصطلح عليه ".
قلت: قد ذكروا أن للفظ الأمر معاني متعددة، منها القول، فمع قيام القرينة على واحد منها يكون هو المتبع، وإلا كان المرجع العرف لا الاصطلاح الخاص، إلا أن يكون المظاهر من أهله وقصد بالأمر الاصطلاح المزبور.
ولو علقه على مخالفة النهي ثم قال لها: " قومي " فقعدت ففي المسالك " في وقوعه أوجه مبنية على أن الأمر بالشئ هل هو نهي عن ضده مطلقا أو ضده العالم أوليس نهيا عنهما؟ فعلى الأول يقع الظهار بفعلها ما يخالف أمره دون الأخيرين، هذا كله إذا لم يدل العرف على شئ، وإلا عمل بمقتضاه مقدما على القاعدة الأصولية، لأن التعليقات تحمل على الأمور العرفية لا على القواعد الأصولية، هذا إن انضبط العرف، وإلا رجع إلى الاصطلاح ".
وفيه ما عرفت من أنه مع فرض عدم دلالة العرف يتجه الحكم بعدم الوقوع لا الرجوع إلى الاصطلاح إلا على الوجه المزبور، على أنه كما أن الأمر بالشئ؟
نهي عن ضده فكذا النهي عن الشئ أمر بضده، فكان عليه بناء المسألة الأولى على ذلك أيضا، والجميع كما ترى.