مع أنك قد عرفت اقتضاء عموم الأدلة وإطلاقها صحته كغيره من أفراد المجهول الذي يؤول إلى العلم، نحو ما في الصندوق وما في كمي ونحوهما بعد العلم بوجود ما يصلح فيهما للبذل، وليس في شئ من أدلة المقام ما يقتضي كونه كالمهر بالنسبة إلى ذلك على فرض اشتراطه به، خصوصا بعد كون المهر أدخل في العوضية من المقام.
(و) كيف كان فلا خلاف كما لا إشكال في أنه (ينصرف الاطلاق) فيما لو قالت مثلا: " مائة دينار - أو - درهم " (إلى غالب نقد البلد) وإن تعدد، سواء كان ناقصا عن الدراهم الشرعية أو زائدا، مغشوشا أو جيدا، ومع فرض عدم الغلبة التي ينصرف الاطلاق إليها لم يصح البذل، لما عرفت من كون مثل ذلك جهالة لا تؤول إلى العلم، ومثار النزاع، فلم تثبت شرعية التعاوض حتى في مثل معاوضة المقام التي، هي وإن كانت كما عرفت لكن لا ريب في اشتراك حق المعاوضة بين المتعاوضين، وليس هو من قبيل الوصية ونحوها مما يراد منه تحقق الامتثال، فمع فرض التعدد الذي لا يتسامح فيه لا ترجيح لأحدهما على الآخر في ولاية التعيين، (و) الرجوع إلى معين آخر من قرعة ونحوها مناف لقاعدة الشارع فيما شرعه من المعاوضات المبنية على عدم احتياج أمر آخر غيرها في استحقاق كل من عوضيها، كل ذلك مع الاطلاق أما (مع التعيين) فلا إشكال في الرجوع (إلى ما عين) بينهما وإن كان غير الغالب كما هو واضح.
(و) على كل حال فقد ظهر لك أنه (لو خالعها على ألف ولم يذكر المراد ولا قصده) ولا قرينة تصرف الاطلاق إليه (فسد الخلع) للجهالة المضرة بالمعاوضة كما عرفت، أما لو قصدا معينا صح ولزمها، لوجود المقتضي وارتفاع المانع، بل لا يبعد صحته في غيره من المعاوضات كالبيع وغيره للعمومات، خلافا للمسالك وبعض من تبعها، بل أرسله إرسال المسلمات، وأبعد من ذلك احتماله الفساد في المقام أيضا قياسا على غيره من المعاوضات، وقد عرفت الصحة في المقيس عليه فضلا عن المقيس، لعدم الدليل على اشتراط ذكر العوض، بل ظاهر الأدلة خلافه.