كلامهم هنا بناء على ما ذكرناه من أنه لا معاوضة حقيقة أو اصطلاحية وإن كانت معاوضة بالمعنى الأعم التي هي كالباعث والداعي، والمراد الفداء، ولا ريب في تحققه عرفا بالمثل والقيمة في المعيب وتخلف الوصف، وبالأرش في المعيب، وتفاوت القيمة في تخلف الوصف، بل لعل ذلك هو المتعارف في تدارك الفداء.
ومن ذلك يظهر الوجه في قول المصنف وغيره أيضا: (أما لو خالعها على أنه) أي الثوب (إبريسم فبان كتانا صح الخلع، وله قيمة الإبريسم، وليس له إمساك الكتان لاختلاف الجنس) وإن كان قد يناقش في خصوص المثال بأنه من نحو تخلف الوصف بعد الاشتراك في الثوبية التي هي جنس لهما، كالاشتراك في العبدية بالنسبة للزنجي والحبشي، إلا أنه يمكن التمثيل بما لو خالعها بمعين على أنه ثوب مثلا فبان حيوانا مثلا، كان له المطالبة بالقيمة أو الثوبية، وليس له إمساك الحيوان إلا مع التراضي بينهما، وبالجملة قد عرفت أن المدار على تدارك الفداء مع فرض فواته بما يتدارك به عرفا، وهو معنى آخر غير معنى المعاوضة المصطلحة، ومن هنا أثبتوا له أحكاما غير أحكام المعاوضة، كما نبهنا عليه غير مرة، والله العالم.
(ولو دفعت ألفا وقالت: " طلقني بها متى شئت " لم يصح البذل) وإن قال الزوج بعدها بلا فاصل: " أنت طالق عليها " لعدم إنشاء فعلي، إذ المفهوم من هذه العبارة الاعلام بأنها باذلة ذلك، وليس هو إنشاء بذل نحو قول المشتري: " بعني مالك هذا بدرهم متى شئت " ولو فرض دلالة القرينة على إرادة إنشاء بذل فعلي لذلك وقال الزوج: " أنت طالق " لم يكن إشكال في الصحة.
واحتمال البطلان للفصل بين إنشائها وقوله بقولها: " متى شئت " لا ينبغي أن يذكر، ضرورة عدم قدح مثل ذلك في فورية المعاوضات فضلا عن المقام.
بل ربما يرجع إلى ما ذكرنا ما يحكى من تعليل الشيخ البطلان بأنه سلف في طلاق، وبأنه عوض على مجهول، أي للجهل بالطلاق الواقع، وإلا أمكن النظر فيه بأن هذه الصيغة كما تناولت الطلاق الباطل مع التراخي تناولت الفوري بعد هذه