وقد يقال: إن إطلاقهم اعتبار الكراهة هنا مع شدة البحث فيها هناك يقتضي كون المعتبر هنا ماهيتها بخلافها في الخلع، بل لعل ذلك هو ظاهر صحيح زرارة (1) عن أبي جعفر عليه السلام " المبارأة يؤخذ منها دون الصداق، والمختلعة يؤخذ منها ما شئت، أو ما تراضيا عليه من صداق أو أكثر، وإنما صارت المبارأة يؤخذ منها دون الصداق والمختلعة يؤخذ منها ما شاء لأن المختلعة تتعدي في الكلام، وتتكلم بما لا يحل لها ".
ولكن لا ريب في أن الأقوى الأول، والمراد من الصحيح المزبور أن المختلعة بالمعنى الأخص التي تختص الكراهة بها تعتدي بالكلام، وتتكلم ما لا يحل لها بلا كراهة من الزوج تقتضي ذلك بخلاف المبارأة، فإنها وإن كانت كذلك أيضا إلا أنها في مقابلة كراهة الزوج لها، خصوصا بعد ملاحظة اقتصار الأصحاب هنا على غيره من الفوارق بينهما وبين الخلع.
على أن ذلك كله ساقط عندنا، لما عرفت من حمل تلك النصوص (2) على إرادة بيان أصل الكراهة لا خصوص فرد منها، بل قلنا: إن مراد المشهور ذلك أيضا، وحينئذ لا فرق بينهما في اعتبار أصل الكراهة، بل قد عرفت هناك قوة الاكتفاء بها مع العلم بها وإن لم يصدر منها ما يدل على ذلك.
(و) على كل حال فلا خلاف في أنه (يشترط اتباعه) أي القول المزبور في المباراة (بلفظ الطلاق) بل الاجماع بقسميه عليه، بل المحكي منه مستفيض أو متواتر، وحينئذ (فلو اقتصر المبارئ على لفظ المباراة لم يقع به فرقة، ولو قال بدلا من " بارأتك ": " فاسختك " أو " أبنتك " أو غيره من الألفاظ صح إذا اتبعه بالطلاق، إذ المقتضي للفرقة التلفظ بالطلاق لا غير) من الألفاظ المزبورة التي هي كنايات في الطلاق والخلع، وقد عرفت عدم عقد الخلع فضلا عن الطلاق بشئ منها، كما أنك قد عرفت كون المباراة قسما من الخلع الذي لا ينعقد بشئ