نصوصنا من هذا الخرافات والحصر بالصيغة المنجزة للتعريض بهم.
ولا فرق عندنا في عدم جواز التعليق المزبور بين المشيئة وغيرها، نعم لا بأس بها للتبرك، لكن عن المبسوط والخلاف " الاستثناء بمشيئة الله يدخل في الطلاق والعتاق، سواء كانا مباشرين مثل: " أنت طالق إنشاء الله " و " أنت حر إنشاء الله " أو معلقين بصفة نحو: " إذا دخلت الدار فأنت طالق إنشاء الله " و " إذا دخلت الدار فأنت حر إنشاء الله " وإن كان الطلاق والعتق بصفة لا يصح عندنا، وفي اليمين بهما وفي الاقرار وفي اليمين بالله فيوقف الكلام، ومن خالفه لم يلزمه حكم ذلك، لأصالة البراءة، وثبوت العقد، وإذا عقب كلامه بلفظ " إنشاء الله " في هذه المواضع فلا دليل على زوال العقد في النكاح أو العتق، ولا على تعلق حكم بذمته، فمن ادعى خلافه فعليه الدلالة، وروى ابن عمر (1) أن النبي صلى الله عليه وآله قال: " من حلف على يمين وقال في أثرها:
إنشاء الله لم يحنث فيما حلف عليه " وهو على العموم في كل الأيمان بالله وبغيره ".
وكأنه مناف لما ذكره في كتاب الأيمان من الخلاف، قال فيه على ما حكى عنه: " لا يدخل الاستثناء بمشيئة الله تعالى إلا في اليمين فحسب، وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة: ويدخل في الأيمان بالله وبالطلاق والعتاق وفي النذور وفي الاقرار، دليلنا: أن ما ذكرناه مجمع على دخوله فيه، وما قالوه ليس عليه دليل ".
ومن هنا قال ابن إدريس: " لا يدخل الاستثناء بمشيئة الله عندنا بغير خلاف بين أصحابنا معشر الإمامية إلا في اليمين بالله حسب، لأنه لا أجد أحدا من أصحابنا قديما وحديثا يتجاسر ويقدم على أن رجلا أقر عند الحاكم بمال لرجل آخر وقال بعد إقراره: إنشاء الله لا يلزمه ما أقر به، فأما شيخنا أبو جعفر فهو محجوج بقوله، فإنه رجع عما قاله في كتاب الطلاق من الخلاف بما قاله في كتاب الأيمان، ففي المسألة الأولى اختار مذهب أبي حنيفة، وفي الثانية مذهب مالك " ثم استدل على صحة المسألتين.