ذكر الخبر عن سبب ذلك وكيف وصل إليه حتى استوثق منه اختلف أهل السير في ذلك فأما هشام بن محمد فإنه ذكر عن أبي مخنف أن عمر ابن عبد العزيز لما جاء يزيد بن المهلب فنزل واسطا ثم ركب السفن يريد البصرة بعث عدى بن ارطاة إلى البصرة أميرا فبعث عدى موسى بن الوجيه الحميري فلحقه في نهر معقل عند الجسر جسر البصرة فأوثقه ثم بعث به إلى عمر بن عبد العزيز فقدم به عليه موسى بن الوجيه فدعا به عمر بن عبد العزيز وقد كان عمر يبغض يزيد وأهل بيته ويقول هؤلاء جبابرة ولا أحب مثلهم وكان يزيد بن المهلب يبغض عمر ويقول إني لا ظنه مرائيا فلما ولى عمر عرف يزيد أن عمر كان من الرياء بعيدا ولما دعا عمر يزيد سأله عن الأموال التي كتب بها إلى سليمان ابن عبد الملك فقال كنت من سليمان بالمكان الذي قد رأيت وإنما كتبت إلى سليمان لا سمع الناس به وقد علمت أن سليمان لم يكن ليأخذني بشئ سمعت ولا بأمر أكرهه فقال له ما أجد في أمرك إلا حبسك فاتق الله وأد ما قبلك فإنها حقوق المسلمين ولا يسعني تركها فرده إلى محبسه وبعث إلى الجراح بن عبد الله الحكمي فسرحه إلى خراسان وأقبل مخلد بن يزيد من خراسان يعطى الناس ولا يمر بكورة الا أعطاهم فيها أموالا عظاما ثم خرج حتى قدم على عمر بن عبد العزيز فدخل عليه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله يا أمير المؤمنين صنع لهذه الأمة بولايتك عليها وقد ابتلينا بك فلا نكن أشقى الناس بولايتك علام تحبس هذا الشيخ أنا أتحمل ما عليه فصالحني على ما إياه تسأل فقال عمر لا الا أن تحمل جميع ما نسأله إياه فقال يا أمير المؤمنين إن كانت لك بينة فخذ بها وإن لم تكن بينة فصدق مقالة يزيد وإلا فاستحلفه فإن لم يفعل فصالحه فقال له عمر ما أجد إلا أخذه بجميع المال فلما خرج مخلد قال هذا خير عندي من أبيه فلم يلبث مخلد إلا قليلا حتى مات فلما أبى يزيد أن يؤدى إلى عمر شيئا ألبسه جبة من صوف وحمله على جمل ثم قال سيروا به إلى دهلك فلما أخرج فمر به على الناس أخذ يقول مالي عشيرة مالي يذهب بي إلى دهلك إنما يذهب إلى دهلك بالفاسق المريب الخارب
(٣١٢)