والمراد من خبر محمد بن قيس (1) بعد الاغضاء عن الاضطراب في متنه على ما في التهذيب وغيره أن المسلم إذا لم يوجد شرطه لآفة في المسلم فيه أو لعدم مطالبته به إلا بعد انقطاعه، ولم يرد الانتظار إلى زمن حصول شرطه بل أراد الورق، فليس له أن يأخذ إلا رأس ماله، لا يظلم ولا يظلم، فيفسخ العقد حينئذ ويسترد الثمن، لا أن المراد بيعه عليه برأس ماله وكذا صحيحه الآخر، ومما يؤيد ذلك أن الخصم لا يعين ذلك عليه في مفروض البحث، إذ يجوز له عنده بيعه بغير الجنس بما يساوي الثمن أضعافا مضاعفة، من أن الخبر قد تضمن أنه ليس له إلا ذلك كما هو واضح.
وأما صحيح الحلبي (2) فلا دلالة فيه أصلا ضرورة عدم البأس فيما تضمنه بعد التراضي منهما، مع أنه لم يعلم أن رأس مال المسلم فيه دراهم، ولا تعرض فيه للزيادة والنقيصة وبالجملة هو غير ظاهر في إرادة البيع وصحيح يعقوب (3) يمكن حمله على إرادة السؤال عن جواز الفسخ في البعض ولو مع التراضي، فأجابه عليه السلام بأنه لا بأس به إذا أخذ منه كما أعطاه حتى لا يترتب عليه الربا، لا أن المراد أن بيعه عليه بذلك، إذ لا يتصور ترتب الربا عليه بعد أن كان في ذمة المسلم إليه الحنطة والتمر أو غير ربوي كالإبل ونحوها، لا الدراهم التي هي ثمنهما.
ومنه يعلم أنه لا وجه للإشارة بآية الربا إلى ذلك في الخبر الأول، وأنه لا بد من حمله على ما قلنا، وبذلك يظهر لك ضعف هذه عن الأدلة المعارضة لها من الأصل والعمومات، وخصوص النصوص السابقة التي قد يناقش فيها بأن ما فيها من الوفاء لا البيع، فلا تدل على المطلوب فيها أيضا، لكن لا يخفى بعد امكان منع هذه المناقشة فيها بظهورها سيما بعضها في غير ذلك أن الأصول والعمومات كافية في الصحة، فميل الفاضل في الرياض إلى القول بعدم الجواز في البيع بالجنس مع الزيادة في غير محله قطعا.