فإن قيل: لو عرف أولا أنه بحيث لو كان في مقام جر نفع أو دفع ضر أو عداوة أو صداقة أو نحو ذلك لا يميل في الشهادة فكيف اتهمه بذلك حينئذ وظن الميل؟! وإن لم يعرفه كذلك، أو عرفه أنه لو كان كذلك يظن به الميل فلم يعرفه بالعدالة أولا، فكيف يستصحب؟! كما إذا لم يعرفه أولا بأنه إذا خلى مع أجنبية حسناء لا يزني بها، أو عرفه أنه لو حصلت له تلك الخلوة يظن به الزنا.
قلنا: نقول: إنه عرفه أنه لو كان في مقام النفع أو دفع الضر أو نحوهما لا يشهد لو كان مخالفا للواقع، واتفق أنه شهد وظن به مخالفة الواقع، كما أن من عرفناه بالعدالة نعرفه أنه لا يزني ولا يرتكبه البتة، فاتفق إنا رأيناه في خلوة مع أجنبية ذات جمال وبهاء، معروفة بعدم العفة، محلول الإزار، فنحن نظن به الزنا، ولا ينافي ذلك علمنا بعدالته أولا..
فكذا هنا، قد نعرفه أولا أنه لا يشهد بخلاف الواقع، فاتفق أنه شهد وظننا به خلاف الواقع، وذلك لا ينافي معرفة العدالة أولا، كما لا ينافيها في المثال المذكور.
ولا يقال: إنه إن عرفته أنه لو خلا مع المرأة الكذائية وحلا إزارهما يظن أنه يزني فلم تعرف عدالته، وإن لم يظن فكيف ظننته بعد المشاهدة؟!
وظهر من ذلك معارضة تلك الأخبار الواردة لشهادة المتهم مع أخبار قبول شهادة العادل بالعموم والخصوص من وجه، وحيث لا مرجح لأحدهما على الآخر فيجب الرجوع إلى حكم الأصول، وهو هنا مع عدم القبول مطلقا.
لا يقال: بعد تعارض الفريقين تبقى عمومات قبول شهادة المسلم،