فأما ما تضمنه خبر بكر بن محمد أن آخر الوقت غيبوبة الشفق، فهو وإن كان صالحا لإرادة الفضيلة والاجزاء من حيث إطلاق لفظ الوقت فيه، إلا أن لتعين إرادة وقوت الفضيلة وجها قريبا غير ما سلف، وذلك أنه جعل الأول فيه جنون الليل، وقد دلت الأخبار الكثيرة على أن أول وقتها للاجزاء سقوط القرص، ومر منها جملة في الصحيح الواضح، ويأتي في الحسان منها خبر، فيكون المراد في هذا الحديث أول وقت الفضيلة، ولا مجال معه لإرادة غيرها في الاخر لظهور كون التعريف في مثله للمعهود الخارج القريب الصريح.
ولا بأس بإيراد نبذة من الأخبار الدالة على أن أول وقت المغرب للاجزاء سقوط القرص وأن التأخير عنه للفضيلة، وليست على أحد الوصفين، إذ فيها ما هو قوي الاسناد فيؤنس بالوجه الذي ذكرناه ويشهد بقربه كما قلناه.
فمنها ما رواه الشيخ بإسناده، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن ابن رباط، عن جارود، أو إسماعيل بن أبي سمال، عن محمد بن أبي حمزة، عن جارود قال: قال لي أبو عبد الله عليه السلام: يا جارود ينصحون فلا يقبلون وإذا سمعوا بشئ نادوا به، أو حدثوا بشئ أذاعوه، قلت لهم: مسوا بالمغرب قليلا فتركوها حتى اشتبكت النجوم فأنا الان أصليها إذا سقط القرص (1).
وما رواه بإسناده، عن محمد بن علي بن محبوب، عن يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن محمد بن حكيم، عن شهاب بن عبد ربه قال:
قال أبو عبد الله عليه السلام: يا شهاب إني أحب إذا صليت المغرب أن أرى في السماء كوكبا (2).
ومنها ما رواه الصدوق في كتاب من لا يحضره الفقيه عن أبيه، ومحمد ابن الحسن، عن سعد بن عبد الله، عن محمد بن عبد الحميد، عن أبي جميلة،