المعروف في كلام الفقهاء، بل احتمال إرادة أحد المعنيين اللذين ذكرناهما قائم قطعا، فيحتاج الحمل على خصوص ذلك المعنى إلى دليل واضح، ولا دليل.
فان قلت: الدليل على ذلك قوله في الخبر الأخير: " ووقت فوتها سقوط الشفق " فإنه صريح في إرادة وقت الاجزاء.
قلت: إسناد هذا الحديث غير معلوم الاتصال كما أشرنا إليه، وعلى تقدير كونه متصلا فصحته مشهورية كما قد علم، والتجوز في متنه واقع قطعا للتنافي بين كون وقتها وجوبها وبين امتداده إلى سقوط الشفق، فهو محمول على المبالغة في تضيقه بالإضافة إلى سائر المواقيت، وحينئذ يقرب كون الحكم بالفوت فيه محمولا على التجوز تشبيها لفوات الفضيلة بفوات أصل الوقت، مع أنه محتمل التقية أيضا، وبالجملة فهو بمجرده غير كاف في المصير إلى ذلك المعنى مع قيام الاحتمال الذي تقضي برجحانه قرائن الحال.
وروى الشيخ بإسناده، عن الحسن بن محمد بن سماعة، عن عبد الله بن جبلة، عن ذريح، عن أبي عبد الله عليه السلام أن جبرئيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الوقت الثاني في المغرب قبل سقوط الشفق (1).
وروى هذا المعنى بعين الاسناد (2) في جملة حديث آخر يتضمن تفصيل إتيان جبرئيل بالمواقيت بنحو ما مر في خبر معاوية بن وهب، ولو صحت هذه الرواية لم يكن عن حمل أخبار الوحدة على التقية معدل، ويتبعه حكم الفوت بسقوط الشفق، ولعل انضمام الاخبار المفيدة للتوسعة في الجملة إلى هذه الرواية مغن عن الالتفات إلى تصحيح طريقها مع أنه ظاهر الجودة بعد ما عرف من كلامنا السابق في نظيرة.
(1) و (2) الاستبصار باب المغرب والعشاء تحت رقم 10، والتهذيب في مواقيت زيادات صلاته تحت رقم 59 و 41. (*)