منتهى الدراية - السيد محمد جعفر الشوشتري - ج ٧ - الصفحة ٦٣٣
الحكم بدوام ما تيقن بثبوته ظاهرا، وهذا المعنى منوط بكون الشك في بقاء شئ متمحضا في استمراره في عمود الزمان كالشك في الحياة والعدالة.
وعلى هذا، فان كان منشأ الشك في البقاء الشك في بقائه في عمود الزمان جرى الاستصحاب فيه، مع الجزم بأن الزمان المتأخر الذي حكم فيه بامتداد المستصحب وبقائه هو زمان وجود الاخر، كما في فرض العلم بتاريخ أحدهما المعين، فإنه لو حكم ببقاء مجهول التاريخ إلى ذلك الزمان يجزم بمقارنة بقائه التعبدي لزمان وجود الاخر.
وإن كان منشأ الشك في البقاء الشك في زمان حدوث الاخر وتقدمه وتأخره لم يجر الاستصحاب، كما إذا علمنا بأن زيدا مات يوم الجمعة، وشك في بقاء حياته إلى زمان الخسوف، للشك في تقدم الخسوف على الجمعة وتأخره عنها. والوجه في عدم جريانه هو ظهور دليله في إلغاء الشك في خصوص الامتداد، والمفروض أن الشك في هذا الفرض ليس في امتداد المستصحب، بل في أمر آخر وهو مقارنته مع حادث آخر أو تقدمه عليه أو تأخره عنه. وكلما كان منشأ الشك كلا الامرين أو الامر الثاني خاصة لم يجر الاستصحاب، إذ ليس شأنه إلغاء الشك فيه من جهة اقتران حيثية بقائه ولو تعبدا في زمان مع زمان وجود غيره.
وحينئذ فمع تردد الزمان الذي هو ظرف وجود الاخر بين الزمانين زمان الشك في وجود بديله الذي هو الزمان الثاني، وزمان يقينه الذي هو الزمان الثالث يكون الشك في مقارنة البقاء التعبدي للمستصحب مع زمان وجود الاخر على حاله. فلو أريد من الابقاء إبقاؤه إلى الزمان الثاني فلا يجزم حينئذ بتطبيق كبرى الأثر على المورد، إلا بفرض جر المستصحب في جميع محتملات أزمنة وجود الاخر التي منها الزمان الثالث، وهو أيضا غير ممكن، لان الزمان الثالث زمان انتقاض اليقين بكل منهما بيقين آخر، فكيف يمكن جر المستصحب إلى الزمان الذي هو زمان انتقاض يقينه بيقين آخر؟ ومجرد كونه زمان الشك في حدوثه أو حدوث غيره