إسميا يقبل السعة والضيق بان ينشئ الوجوب بمفهومه الاسمي، أمكن ان يتأتى فيه البيان المزبور، فيقال: ان الاستعمال يرجع إلى جعل اللفظ مرآتا وحاكيا عن المعنى، والحكاية تتسع وتضيق بسعة المحكي وضيقه، فمع الشك في زيادة الحكاية للشك في سعة المحكي تكون مجرى لأصالة العدم.
ولكنه غالبا يكون الانشاء بالصيغة، وهي لا تتكفل انشاء الوجوب بمفهومه الاسمي القابل للسعة والضيق، بل المفهوم الحرفي الذي ليس له الا نحو واحد، وهو المعبر عنه بالوجود الرابط الذي لا يقبل السعة والضيق، فلا يتصف الانشاء بهذا المعنى بالسعة والضيق، بل له وجود واحد مردد بين نحوين متباينين، فلا مجال حينئذ لأصالة العدم فيه بعد كون الشك في كيفيته، وانه تعلق بهذا أو بذاك لا في أصل وجوده.
وليس الانشاء نفس القصد القلبي المزبور، كي يقال إنه مما يقبل السعة والضيق بملاحظة متعلقه، بل القصد مأخوذ في الانشاء قيدا، بمعنى ان الانشاء هو الاستعمال الخاص، وهو المقترن بالقصد، لا انه هو نفس القصد.
وإذا عرفت ذلك، تعرف ان كلام النراقي لا يتم بناء على المسلك المشهور في معنى الانشاء، فهذا ايراد ثالث عليه لكنه مبنائي، بل هو وارد على النراقي نفسه، إذ لم يكن للمسلكين الآخرين عين ولا أثر في زمانه. فتدبر.
ثم إنه مما ذكرناه في هذه الجهة يمكن تصحيح ايراد الشيخ (رحمه الله) على النراقي الذي تقدم نقله - في صدر البحث - وتقدم الايراد عليه بأنه غفلة عن محط نظر النراقي في دعوى المعارضة. وذلك بدعوى: ان كلام الشيخ (رحمه الله) يبتني على عدم سعة الجعل بسعة المجعول، وقد اخذ ذلك في كلامه بنحو المقدمة المطوية.
نعم، هنا شئ، وهو: ان الاحكام الواردة على الموضوعات المتعددة المتباينة تستلزم تعدد الجعل ولو كان انشاؤها واحدا بالصورة، فحين يقول: " أكرم