وضيقها باتساع دائرة متعلقه وضيقها، فالوجوب المجعول للجلوس من الزوال إلى الغروب أضيق دائرة من الوجوب المجعول للجلوس من الزوال إلى نصف الليل، فيقال: ان الجعل هل يتسع بسعة المجعول ويضيق بضيقه، نظير بعض الاعراض الخارجية العارضة على الجسم كالبياض، فإنها تزيد بسعة الجسم وتضيق بضيقه، ونظير التصور بالنسبة إلى المتصور، فإنه يزيد بسعة المتصور ويضيق بضيقه؟ أو ان الجعل لا يختلف سعة وضيقا بسعة المجعول وضيقه، بل يكون على كلا التقديرين بحد واحد. واثر ذلك فيما نحن فيه واضح، فإنه إذا كان كنفس المجعول مما تتسع دائرته وتضيق، فمع الشك - فيما نحن فيه - في سعة المجعول وامتداده في الزمان المشكوك، يشك في زيادة الجعل، فيمكن ان يستصحب عدمه - مع قطع النظر عما تقدم من الايرادات -. اما إذا لم يكن مما يختلف سعة وضيقا، فلا شك فيما نحن فيه في زيادة الجعل، كما أن وجوده معلوم، وانما الشك في كيفيته وانه بماذا تعلق، وهذا مما لا يمكن ان يجري فيه الأصل، إذ لا حالة سابقة له، فلا يبقى مجال لجريان أصالة عدم الجعل.
اذن فجريان أصالة عدم الجعل يبتني على الالتزام بسعة الجعل وضيقه لسعة المجعول وضيقه، كي تكون زيادة الجعل مشكوكة الحدوث بسبب الشك في سعة المجعول واستمراره، فتكون مجرى لأصالة العدم.
وتحقيق الحال في ذلك يبتني على ما يلتزم به في معنى الانشاء، وعمدة المسالك فيه ثلاثة:
الأول: انه عبارة عن مجرد التسبيب لتحقق الاعتبار العقلائي في ظرفه.
وبعبارة أخرى: انه عبارة عن استعمال اللفظ في المعنى بداعي تحقق اعتباره من قبل العقلاء في ظرفه المناسب له، فلا يصدر من المنشئ سوى الاستعمال بالقصد المزبور. وهذا هو المشهور في معنى الانشاء.
الثاني: انه عبارة عن ايجاد المعنى بوجود انشائي يكون موضوعا للاعتبار