الجعل معاملة البقاء بعد عدم امكان التعبد بالجعل نفسه. فتدبر.
المقام الثاني: في عدم صحة التعبد بعدم الجعل. فنقول: بناء على ما عرفت من عدم قابلية الجعل للتعبد والاعتبار لكونه فعلا تكوينيا للمولى، وان دليل الاستصحاب تكفل التعبد رأسا بالمتيقن السابق. يكون امتناع التعبد بعدمه من الواضحات، إذ ما لا يقبل الوضع الشرعي لا يقبل الرفع.
واما بناء على تقريب شمول الدليل للجعل على المسلك الذي سلكناه في تعميم الاستصحاب للشبهة الموضوعية، فالدليل أيضا لا يشمل عدم الجعل.
وذلك لان غاية ما يمكن ان يقال في شمول الدليل له: ان المدلول المطابقي لعموم: " لا تنقض " هو حرمه النقض العملي ولزوم معاملة المتيقن السابق معاملة الباقي، وهذا لا مانع من شموله لعدم الجعل، ويكون ارشادا إلى ثبوت التعبد في مورده بما يناسبه، ولا يمكن أن يكون المتعبد به هو عدم الجعل، لما عرفت أنه غير قابل للتعبد، فلا بد أن يكون التعبد متعلقا بعدم المجعول، فاستصحاب عدم الجعل يفيد التعبد بعدم المجعول - يعني: عدم التكليف -.
ولكن التحقيق ان التعبد بعدم التكليف غير صحيح.
وهذا مطلب برأسه يبحث عنه مع قطع النظر عن استصحاب عدم الجعل، بل يسري إلى استصحاب عدم المجعول أيضا الذي يذكر في باب البراءة، كما تقدم بيانه والمناقشة فيه.
فيقع الكلام في أن عدم التكليف هل يمكن التعبد به وتعلق الجعل به أو لا؟.
وبتحقيق هذه الجهة يظهر الحال فيما نحن فيه: نقول: ان ظاهر الشيخ (رحمه الله) في مبحث البراءة عدم صحة تعلق التعبد بعدم التكليف لأنه غير اختياري (1).