ومع غض النظر عن ذلك، يقع الكلام في..
المقدمة الثانية: وهي ان الأثر العملي يترتب على الجعل بضميمة وجود الموضوع، فيكون نفي الجعل بالأصل مستلزما لعدم ترتب الأثر. فنقول: لو سلمنا وحدة الجعل والمجعول بالبيان المتقدم، فلا نسلم ان الأثر العملي مترتب على وجود الجعل وان تحقق المجعول في ظرف الجعل، بل الأثر العملي انما يترتب على تقدير وجود الموضوع، بحيث يضاف المجعول إلى فرد المكلف الخاص، فيقال: انه ممن وجب عليه الفعل، فان مجرد الجعل قبل تحقق الموضوع لا يضاف به الوجوب إلى المكلف الخاص، فلا يقال للمكلف قبل الزوال انه ممن وجبت الصلاة عليه، وانما الإضافة تتحقق بعد الموضوع، كتحقق الزوال بالنسبة إلى الصلاة، ولعله هو المراد من قوله (عليه السلام): " فإذا زالت الشمس فقد وجب الطهور والصلاة " (1).
وبالجملة: مجرد جعل الحكم الكلي لا يترتب عليه الأثر، وانما الأثر لمرحلة الانطباق وإضافة الوجوب إلى فرد المكلف.
وعليه، فاستصحاب عدم الجعل مما لا يترتب عليه نفي الأثر العملي الا بتوسط نفي إضافة المجعول إلى المكلف، وهذا من اللوازم العقلية، فيكون من الأصول المثبتة، فهو نظير استصحاب عدم الكر في الحوض في نفي كرية ماء الحوض التي هي مورد الأثر العملي.
والخلاصة: ان الاشكال في استصحاب عدم الجعل بأنه من الأصول المثبتة لا دافع له. فهذا أحد الايرادات على كلام النراقي المتقدم.
الجهة الثانية: في امكان تعلق التعبد بعدم الجعل.
والتحقيق: ان الجعل وعدمه ليس مما يمكن تعلق التعبد به والاعتبار.