واما لو كان مفادها النهي عن نقض اليقين حقيقة عنوانا - كما اختاره - لم يتأت هذا المحذور، فان عدم الفعل لازم لعدم اليقين بالموضوع أو بالحكم، فيمكن ان يراد من اللفظ النهي عن نقض اليقين مطلقا، تعلق بالحكم أم بالموضوع، ويكون كناية عن جعل لازمه من الحكم المماثل له لو كان المتيقن حكما، أو لحكمه لو كان موضوعا. وبعبارة أخرى: بعد أن كان عدم الفعل لازما لعدم اليقين بالحكم أو بالموضوع، كان النهي عن نقض اليقين والامر بابقائه ملازما للامر بالفعل في كلا الموردين، فيعم الشبهة الموضوعية بلا محذور.
هذا خلاصة ما أفاده (قدس سره) (1).
ولكنه مردود من وجوه:
الوجه الأول: ما بنى عليه أصل كلامه من أن التلازم بين بقاء اليقين بالحكم، وبين العمل كصلاة الجمعة، يستلزم التلازم بين الامر بابقاء اليقين والامر بالفعل، فتكون القضية كناية عن جعل الحكم المماثل.
فإنه ممنوع، بأنه لو سلم التلازم عقلا أو عرفا بين بقاء اليقين بالحكم وبين الفعل، ولم يناقش بامكان الانفكاك بينهما، فهو لا يستلزم التلازم بين الامر بأحدهما والامر بالاخر، فإنه ممنوع أشد المنع إذ لم يقل به أحد، وانما أشير إليه في مبحث الضد من باب انه توهم قد يخطر في البال، وانما المسلم عدم جواز اختلاف المتلازمين في الحكم، لا ان الامر بأحدهما ملازم للامر بالاخر. فراجع تعرف.
الوجه الثاني: ان ما أفاده لو تم، فهو انما يتأتى في خصوص مورد اليقين بالحكم الالزامي، فان اليقين به يستتبع العمل، دون اليقين بالحكم غير الالزامي كالإباحة، فان اليقين بها لا يستتبع الفعل كي يكون الامر بابقائه أمرا بالفعل.