وقد تصدى المحقق الأصفهاني (رحمه الله) إلى تحقيق المطلب اشكالا وجوابا بنحو دقيق مفصل. وخلاصة ما افاده (قدس سره): - بعد أن التزم ان النهي عن نقض اليقين غير مراد جدا، بل قضية " لا تنقض " قضية كنائية. وبعد ان ردد بين أن يكون المراد بها النهي عن النقض العملي أو النهي عن النقض حقيقة عنوانا، مفرعا ذلك على أن اليقين بالحكم مستلزم للفعل تكوينا بلحاظ تنجيزه، فيكون الامر بابقائه ملازما للامر بنفس الفعل، فيكون النهي عن نقض اليقين كناية عن الامر بالفعل كصلاة الجمعة.
وبالجملة: عدم الفعل ملازم لنقض اليقين حقيقة ولنقضه عملا.
وإذا أمكن ان يحمل النهي على أحد المعنيين تعين حمله على النهي عن النقض حقيقة ابقاء له على ظاهره، ولا محذور فيه بعد أن لم يكن مرادا جدا، بل كناية عن الامر بالعمل، - بعد كل هذا الذي لخصناه جدا أفاده (قدس سره) -:
ان أساس المحذور في شمول اخبار الاستصحاب للشبهة الموضوعية، فهو ان نقض اليقين بالحكم اسناد إلى ما هو له، لان الفعل يكون ابقاء عملا لليقين بالحكم لباعثيته عقلا نحوه، واما اسناد نقض اليقين إلى الموضوع، فهو اسناد إلى غير ما هو له، إذ الفعل لا يكون ابقاء عملا لليقين بالموضوع، إذ لا باعثية له بنفسه، بل بلحاظ منشئيته لليقين بالحكم، فالنقض لم يسند حقيقة إلى يقين الموضوع.
وبما أن الجمع بين الاسنادين في كلام واحد خلاف الظاهر - وان كان ممكنا في نفسه - إذ ظاهر الاسناد الكلامي هو الاسناد إلى ما هو له، كانت اخبار الاستصحاب قاصرة عن شمول الشبهة الموضوعية.
ودفعه (قدس سره): بأنه يبتني على كون مفاد قضية: " لا تنقض " النهي عن النقض عملا، فان بقاء اليقين بالموضوع عملا غير مستلزم بما هو للعمل، إذ لا باعثية له كما عرفت.