ولكنه ليس كذلك، بل هو جزء التعليل، فان التعليل بحسب ظاهر الكلام مركب من جزءين: أحدهما: كونه على يقين من وضوئه، والاخر: عدم مناسبة نقض اليقين بالشك فلو فرض ظهور الجزء الأول في دخل خصوصية الوضوء فلا معنى لإلغائها، نظير ما لو صرح بان الملاك في ثبوت الحكم هو كونه على يقين من الوضوء بما هو كذلك ومناسبة عدم نقض اليقين بالشك، فإنه لا منافاة في ذلك لشئ. فلا ملازمة بين أخذ المناسبة في العلة وبين إلغاء خصوصية الوضوء. فلا حظ.
واما الوجه الثاني: فقد عرفت المناقشة فيه حين التعرض لكلام الشيخ، وبيان ان الملاك في العموم إلغاء خصوصية الوضوء، سواء كانت اللام للجنس أو للعهد.
واما الوجه الثالث: فهو متين، فإنه إذا فرض عدم أخذ الوضوء في المتعلق، بل اخذ الأوسط هو اليقين مجردا عن خصوصية تعلقه بالوضوء، كان الدخيل في العلة هو مطلق اليقين لا اليقين الخاص. فيكون كما لو قال: " فإنه من وضوئه على يقين "، فإنه لا يتوهم تقيد اليقين بالوضوء، ولا اثر لتأخير قوله:
" من وضوئه " أو تقديمه في ذلك.
يبقى بيان سر عدم كون قوله: " من وضوئه " متعلقا لليقين، بل بالظرف المقدر، وهو ان اليقين انما يتعدى إلى متعلقه ب: " الباء " لا ب: " من " فيقال: تيقن بكذا وأنا على يقين بكذا، ونحو وهو واضح.
ويضاف إلى هذا الوجه وجه آخر، وهو ما أشير إليه في بعض الكلمات من أن اليقين لما كان من الصفات التعلقية التي تتقوم بالمتعلق مضافا إلى الموضوع، كان ذكر المتعلق غير كاشف عن خصوصية فيه، بل انما هو من باب لا بدية المتعلق فيه (1).