اليقين بالوضوء، بحيث يكون الأوسط هو اليقين بالوضوء، لقوة احتمال أن يكون قوله: " من وضوئه " متعلقا بالظرف المقدر لا بلفظ اليقين، فكأنه قال: " فإنه من طرف وضوئه على يقين "، فيكون الأوسط هو ذات اليقين لا خصوص اليقين بالوضوء (1).
اما الوجه الأول، فقد يورد عليه: بان الحكم المذكور في العلة لا يلزم أن يكون معلوما لدى المخاطب وفي ذهنه في مرحلة سابقة على الخطاب، بل قد يفهم حكم العلة بنفس التعليل، كما لو قال: " أكرم زيدا لأنه عالم " ولم يكن في ذهنه وجوب اكرام العالم، بل يستفاد وجوب اكرام العالم من نفس هذا الدليل.
وهذا الايراد قابل للدفع، ويتضح ذلك ببيان مراده (قدس سره)، فنقول:
ان العلة " تارة ": تكون حكما ارتكازيا عقلائيا أو شرعيا، كما لو قال: " لا تضرب اليتيم لأنه ظلم "، فان حرمة الظلم عقلا وشرعا ثابتة في الأذهان. " وأخرى ":
تكون حكما تعبديا غير مرتكز ذهنا، كما لو قال: " أكرم زيدا لأنه عالم ".
والتعليل في كلا الموردين ظاهر في ملاحظة العلة، وهي الحكم العام في مرحلة سابقة على الحكم الخاص في هذه القضية، فيدل التعليل على ثبوت الحكم العام في حد نفسه، وانه ثابت للمورد الخاص من باب التطبيق وكونه أحد أفراده.
ثم إنه قد يتعقب التعليل جملة تتكفل ببيان حكم الموضوع العام، مثل أن يقول : " أكرم زيدا لأنه عالم والعام يجب اكرامه " و: " لا تضرب اليتيم لأنه ظلم والظلم حرام أو قبيح "، فهل مثل هذه الجملة توضيح لما تقدم - لان حكم العام قد فهم من نفس التعليل كما عرفت. ولذا لو اقتصر عليه ولم يتعقب بهذه الجملة فهم منه حرمة مطلق الظلم ووجوب اكرام مطلق العام - أو أنه لبيان شئ آخر